تفسير التّحرير والتّنوير [ ج ٢٧ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في تفسير التّحرير والتّنوير

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

والإيماء إلى فضل الجهاد في سبيل الله.

وتنظير رسالة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم برسالة نوح وإبراهيم عليهما‌السلام على أن في ذريتهما مهتدين وفاسقين.

وأن الله اتبعهما برسل آخرين ، منهم عيسى عليه‌السلام الذي كان آخر رسول أرسل بشرع قبل الإسلام ، وأن أتباعه كانوا على سنة من سبقهم ، منهم مؤمن ومنهم كافر.

ثم أهاب بالمسلمين أن يخلصوا الإيمان تعريضا بالمنافقين ووعدهم بحسن العاقبة وأن الله فضلهم على الأمم لأن الفضل بيده يؤتيه من يشاء.

(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١))

افتتاح السورة بذكر تسبيح الله وتنزيهه مؤذن بأن أهم ما اشتملت عليه إثبات وصف الله بالصفات الجليلة المقتضية أنه منزّه عما ضل في شأنه أهل الضلال من وصفه بما لا يليق بجلاله ، وأول التنزيه هو نفي الشريك له في الإلهية فإن الوحدانية هي أكبر صفة ضل في كنهها المشركون والمانوية ونحوهم من أهل التثنية وأصحاب التثليث والبراهمة ، وهي الصفة التي ينبئ عنها اسمه العلم أعني «الله» لما علمت في تفسير الفاتحة من أن أصله الإله ، أي المنفرد بالإلهية.

وأتبع هذا الاسم بصفات ربانية تدل على كمال الله تعالى وتنزّهه عن النقص كما يأتي بيانه فكانت هذه الفاتحة براعة استهلال لهذه السورة ، ولذلك أتبع اسمه العلم بعشر صفات هي جامعة لصفات الكمال وهي : العزيز ، الحكيم ، له ملك السماوات والأرض ، يحيي ، ويميت ، وهو على كل شيء قدير ، هو الأول ، والآخر ، والظاهر ، والباطن ، وهو بكل شيء عليم.

وصيغ فعل التسبيح بصيغة الماضي للدلالة على أن تنزيهه تعالى أمر مقرر أمر الله به عباده من قبل وألهمه الناس وأودع دلائله في أحوال ما لا اختيار له ، كما دل عليه قوله تعالى: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) [الرعد : ١٥] وقوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسراء : ٤٤].