وكذلك صفتا (الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) [الحشر : ٢٢] لمناسبتهما لإعطاء حظ في الفيء للضعفاء.
القسم الثالث : متعلق بما يشترك فيه الفريقان المذكوران في هذه السورة فيأخذ كل فريق حظه منها ، وهي صفات : «القدوس ، المهيمن ، الخالق ، البارئ ، المصور».
(لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى).
تذييل لما عدّد من صفات الله تعالى ، أي له جميع الأسماء الحسنى التي بعضها الصفات المذكورة آنفا.
والمراد بالأسماء الصفات ، عبر عنها بالأسماء لأنه متصف بها على ألسنة خلقه ولكونها بالغة منتهى حقائقها بالنسبة لوصفه تعالى بها فصارت كالأعلام على ذاته تعالى.
والمقصود : أن له مدلولات الأسماء الحسنى كما في قوله تعالى : (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ) بعد قوله : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) [البقرة : ٣١] ، أي عرض المسميات على الملائكة.
وقد تقدم قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) في سورة الأعراف [١٨٠].
(يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
جملة (يُسَبِّحُ لَهُ) إلخ في موضع الحال من ضمير (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) يعني أن اتصافه بالصفات الحسنى يضطر ما في السماوات والأرض من العقلاء على تعظيمه بالتسبيح والتنزيه عن النقائص فكل صنف يبعثه علمه ببعض أسماء الله على أن ينزهه ويسبحه بقصد أو بغير قصد. فالدهري أو الطبائعي إذا نوّه بنظام الكائنات وأعجب بانتساقها فإنما يسبح في الواقع للفاعل المختار وإن كان هو يدعوه دهرا أو طبيعة ، هذا إذا حمل التسبيح على معناه الحقيقي وهو التنزيه بالقول ، فأما إن حمل على ما يشمل المعنيين الحقيقي والمجازي من دلالة على التنزيه ولو بلسان الحال. فالمعنى : أن ما ثبت له من صفات الخلق والإمداد والقهر تدل عليه شواهد المخلوقات وانتظام وجودها.
وجملة (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) عطف على جملة الحال وأوثر هاتان الصفتان لشدة مناسبتهما لنظام الخلق.
وفي هذه الآية رد العجز على الصدر لأن صدر السورة مماثل لآخرها.