حملها على التبعيض قياسا للتيمم على الوضوء ، ويجب في الوضوء استعمال بعض الماء ، فيجب استعمال بعض التراب في التيمم.
ورجح الحنفية والمالكية حملها على الابتداء وتمييز الجنس ؛ لأن المتيمم ينفض يديه ليتناثر التراب ، فيمسح وجهه ويديه من غير تلويث ، ولما ورد من أنه عليه الصلاة والسلام تيمم على حائط بضربتين : للوجه واليدين ، والظاهر أنه لا يعلق على يديه شيء من التراب.
ثم ذكر تعالى حكمة مشروعية التيمم وهي التيسير على الناس ودفع الحرج عنهم ، فأبان أنه تعالى ما يريد ليجعل عليكم فيما شرعه من أحكام الوضوء والغسل والتيمم في هذه الآية وغيرها حرجا أي أدنى ضيق وأقل مشقة ؛ لأنه تعالى غني عنكم ، رحيم بكم ، فلا يشرع لكم إلا ما فيه الخير والنفع لكم ، ولكن يريد ليطهركم من الدنس والرجس المادي بإزالة الأقذار ، والرجس المعنوي بطرد الكسل والفتور الحاصل عقب الجنابة ، وبعث النشاط ، لتكون النفس صافية مرتاحة في مناجاة ربها ، ويريد أيضا أن يتم نعمته عليكم بالجمع بين طهارة الأبدان وطهارة الأرواح ، وتبيان طريق العبادة الأفضل ، لتؤدوا الشكر الواجب عليكم ، ولتداوموا شكر النعم التي أنعمها الله عليكم.
ثم ذكّر تعالى بالمناسبة بالنعم الكثيرة التي أنعم بها علينا ، فاذكروا أيها المؤمنون نعمة الله بتوفيقكم للإسلام وتشريع هذا الدين العظيم ، وإرساله إليكم هذا الرسول الكريم ، وما أخذ عليكم من العهد والميثاق الذي عاهدكم به حين بايعتموه عند إسلامكم على السمع والطاعة في المنشط والمكره (المحبة والكره) والعسر واليسر ، وعلى متابعته ومؤازرته ، والقيام بدينه وإبلاغه عنه وقبوله منه ، وتلك هي بيعة العقبة وبيعة الرضوان وغيرهما.
واذكروا أيضا ميثاقه الذي أخذه عليكم وأنتم في عالم الذر على الإيمان بالله