التفسير والبيان :
موضوع هذه الآيات التنفير من موالاة أعداء الإسلام وأهله من أهل الكتاب والمشركين الذين يهزؤون بشرائع الإسلام المطهرة ، ويتخذونها نوعا من اللعب.
يا أيها المؤمنون لا تتخذوا الكفار من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين الذين يهزؤون بدينكم ، ويتخذون شعائره وشرائعه لونا من اللعب ، لا تتخذوهم أولياء أي حلفاء وأنصارا ، فإن الهازئ بالشيء معاند له وساخر به وغير مؤمن به وعدوّ له ولأهله ، وإن تظاهروا بالمودة ، كما قال تعالى : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا : آمَنَّا ، وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا : إِنَّا مَعَكُمْ ، إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) [البقرة ٢ / ١٤].
واتقوا الله وخافوا عذابه ووعيده أيها المؤمنون إن كنتم صادقي الإيمان تحترمون أحكامه وتلتزمون حدوده ، أو كنتم مؤمنين بشرع الله الذي اتخذه هؤلاء هزوا ولعبا.
وكذلك إذا ناديتم إلى الصلاة بالأذان ، اتخذوها أيضا هزوا ولعبا ؛ لأنهم لا يعقلون معاني عبادة الله وشرائعه ، وهذه صفات أتباع الشيطان الذي إذا سمع الأذان أدبر حتى لا يسمع التأذين.
ثم ناقشهم الحق تعالى فقال : قل يا محمد لهؤلاء أهل الكتاب الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا : هل تنكرون أو تعيبون علينا إلا إيماننا الثابت الراسخ بالله ورسله ، وإيماننا بما أنزل إلينا وبما أنزل من الكتب قبل على الرسل ، وما هذا بعيب ولا مذمة؟ فيكون الاستثناء منقطعا ، كما في قوله تعالى : (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [البروج ٨٥ / ٨] وقوله : (وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ) [التوبة ٩ / ٧٤].