لبئس العمل كان عملهم ، وبئس الاعتداء اعتداؤهم ، فما أقبح أعمالهم وأسوأ أفعالهم!
ثم حض الله تعالى علماءهم على النهي عن قول الإثم وأكل السحت فقال : (لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ ..) قال البيضاوي : هذا للحض ، فإن (لَوْ لا) إذا دخل على الماضي أفاد التوبيخ ، وإذا دخل على المستقبل أفاد التحضيض ، أي هلا كان ينهاهم الربانيون (وهم العلماء العمال أرباب الولايات عليهم) والأحبار (هم العلماء فقط) (١) عن تعاطي ذلك؟ لبئس ما كانوا يصنعون من تركهم ذلك ورضاهم بالمنكر ، كأنهم جعلوا أكثر إثما من مرتكبي المنكرات ؛ لأن كل عامل لا يسمى صانعا ، ولا كل عمل يسمى صناعة حتى يتمكن فيه ويتدرب وينسب إليه ، كما قال الزمخشري (٢). وقال القرطبي : والصنع بمعنى العمل إلا أنه يقتضي الجودة (٣).
روي عن ابن عباس رضياللهعنهما : هي أشد آية في القرآن ، أي ليس في القرآن ما هو أشد توبيخا للعلماء من هذه الآية. وقال الضحاك : ما في القرآن آية أخوف عندي منها ، أي أنها حجة على العلماء إذا قصروا في الهداية والإرشاد ، وتركوا النهي عن الشرور والآثام التي تفسد نظام الحياة للفرد والمجتمع.
فقه الحياة أو الأحكام :
الآية تأكيد صريح لما سبق من قطع الموالاة مع الكفار عامة ؛ لأنهم يستهزءون بشرائع الإسلام وأحكامه ، وبخاصة وقت النداء أي الأذان للصلاة.
قال الكلبي : كان إذا أذن المؤذن ، وقام المسلمون إلى الصلاة ، قالت اليهود :
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٢ / ٧٤ ، البيضاوي : ص ١٥٦
(٢) الكشاف : ١ / ٤٧١
(٣) تفسير القرطبي : ٦ / ٢٣٧