تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا فهو الواسع الفضل ، الجزيل العطاء ، على وفق الإرادة والحكمة كما يشاء ، ونعم الله تعالى أكثر من أن تحصى.
ووالله ليزيدن اليهود بسبب فظائعهم ومخازيهم طغيانا وكفرا ، أي تجاوزا للحد في بغض النبي صلىاللهعليهوسلم وعداوته ، وكفرا بما جاء به ، وإذا نزل شيء من القرآن فكفروا ، ازداد كفرهم.
وألقى الله بين طوائف اليهود العداوة والبغضاء ، كما قال : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) فهم متباغضون غير متفقين ؛ فهم أبغض خلق الله إلى الناس.
وكلما أوقعوا الفتنة وجمّعوا وأعدّوا ، شتت الله جمعهم وبدد شملهم. وأما تجمعهم في فلسطين فذلك أمر موقوت ، وتنبيه لنا أن نعود إلى ديننا ، ونوحد صفوفنا ، وليتم تدبير الله في هزيمتهم هزيمة منكرة لا تقوم لهم بعدها قائمة ، فهم إن عاجلا أو آجلا إلى زوال. قيل : إن اليهود لما أفسدوا وخالفوا كتاب الله : التوراة ، أرسل الله عليهم بختنصّر ، ثم أفسدوا فأرسل عليهم بطرس الرومي ، ثم أفسدوا فأرسل عليهم المجوس ، ثم أفسدوا فبعث الله عليهم المسلمين ؛ فكانوا كلما استقام أمرهم شتتهم الله ، وكلما أوقدوا نارا ، أي أهاجوا شرا ، وأجمعوا أمرهم على حرب النبي صلىاللهعليهوسلم أطفأها الله ، وقهرهم ووهّن أمرهم ، ويسعون في الأرض فسادا ، أي في إبطال الإسلام ، وذلك من أعظم الفساد.
ومع كل هذه المخازي والمعايب فتح الله أمام أهل الكتاب باب التوبة ، ليصلحوا ما أفسدوا ، كما قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ). وهذا دليل على عظم معاصي اليهود والنصارى وكثرة سيئاتهم.
ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل ، ونفذوا ما فيهما من تعليمات وأحكام ودعوة إلى الإيمان برسالة الإسلام ، لوسع الله عليهم الرزق وزادهم من النعم ، وأفاض