التفسير والبيان :
هذا حض وتحريض على قتال المشركين الناكثين أيمانهم وعهودهم ، وذلك لأسباب ثلاثة ذكرها الله تعالى في هذه الآية :
١ ـ نكثهم العهد : إنهم نقضوا عهودهم التي أقسموا عليها. قال ابن عباس والسدي والكلبي : نزلت في كفار مكة الذين نكثوا أيمانهم بعد عهد الحديبية ، وأعانوا بني بكر على خزاعة. وهذا يدل على أن قتال الناكثين أولى من قتال غيرهم من الكفار ، ليكون ذلك زجرا لغيرهم.
والعهد الذي نقضوه : هو ـ كما تبين ـ صلح الحديبية ، لمناصرة قريش حلفاءهم بني بكر على خزاعة حلفاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ليلا بالقرب من مكة ، على ماء يسمى (الهجير). فسار إليهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفتح مكة سنة ثمان هجرية في العشرين من رمضان.
٢ ـ إخراج الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من مكة : فقد هموا بإخراج الرسول من مكة ، أو حبسه حتى لا يراه أحد ، أو قتله بيد عصابة من أفراد القبائل ليذهب دمه هدرا ، كما قال تعالى : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ ، أَوْ يَقْتُلُوكَ ، أَوْ يُخْرِجُوكَ ، وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ ، وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) [الأنفال ٨ / ٣٠] وقال تعالى : (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ) [الممتحنة ٦٠ / ١] وقال عزوجل : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ ، لِيُخْرِجُوكَ مِنْها) [الإسراء ١٧ / ٧٦].
٣ ـ بدؤهم بالقتال : إنهم بدؤوا بقتال المؤمنين يوم بدر ، حين قالوا بعد العلم بنجاة العير: لا ننصرف حتى نستأصل محمدا ومن معه. وكذلك في أحد والخندق وغيرها.