البلاغة :
(إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ إِنَّمَا) : تفيد الحصر ، وقوله : (الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) : تشبيه بليغ أي كالنجس في خبث الاعتقاد ، حذفت منه أداة الشبه ووجه الشبه ، مثل : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً) أي كالأرباب في طاعتهم. وقال الزمخشري : (نَجَسٌ) : مصدر ، ومعناه ذوو نجس ؛ لأن معهم الشرك الذي هو بمنزلة النجس ، ولأنهم لا يتطهرون ولا يغتسلون ولا يجتنبون النجاسات ، فهي ملابسة لهم ، أو جعلوا كأنهم النجاسة بعينها مبالغة في وصفهم بها.
(فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ) عبر عن الدخول بالقرب للمبالغة ، أي إنما نهى عن الاقتراب للمبالغة ، أو للمنع عن دخول الحرم. وذهب أبو حنيفة إلى أن المراد به النهي عن الحج والعمرة ، لا عن الدخول مطلقا. وقاس مالك سائر المساجد على المسجد الحرام في المنع.
المفردات اللغوية :
نجس ونجاسة : قذارة وعدم نظافة ، وإذا وصف به الإنسان كان المراد أنه شرير خبيث النفس ، وإن كان طاهر البدن. والناجس والنجيس : داء خبيث لا دواء له. وفي اصطلاح الفقهاء: ما يجب تطهيره ، سواء كان قذرا كالبول أو غير قذر كالخمر مثلا.
(الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) المراد به في رأي عطاء : الحرم كله وهو مكة. وهو مذهب الشافعية أيضا. ورأى المالكية أن المراد خصوص المسجد الحرام ، أخذا بظاهر اللفظ ، ولكن بقية المساجد تقاس عليه ؛ لأن العلة وهي النجاسة موجودة في المشركين ، والحرمة موجودة في كل مسجد ، فلا يجوز تمكينهم من دخول المسجد الحرام والمساجد كلها. ومذهب الحنفية: ليس المراد النهي عن دخول المسجد الحرام ، وإنما المراد النهي عن أن يحج المشركون ويعتمروا ، كما كانوا يعملون في الجاهلية.
(بَعْدَ عامِهِمْ هذا) العام التاسع من الهجرة (عَيْلَةً) فقرا بانقطاع تجارتهم عنكم ، وفعله : عال يعيل عيلا وعيلة فهو عائل. وأعال : كثر عياله ، ويعول عيالا كثيرين ، أي يمونهم ويكفيهم معاشهم (مِنْ فَضْلِهِ) عطائه وتفضله وقد أغناهم بالفتوح والجزية.
سبب النزول :
نزول (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً) : أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان المشركون يجيئون إلى البيت ، ويجيئون معهم بالطعام يتجرون فيه ، فلما منعوا