(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) ونزلت في أهل الكتاب : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) الآية ، فكان أول من أعطى الجزية أهل نجران قبل وفاته عليه الصلاة والسّلام.
وروى ابن أبي شيبة وأبو الشيخ ابن حيان الأنصاري عن الحسن البصري قال : قاتل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل هذه الجزيرة من العرب على الإسلام ، لم يقبل منهم غيره ، وكان أفضل الجهاد ، وكان بعده جهاد على هذه الآية في شأن أهل الكتاب : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) الآية.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى حكم المشركين في إظهار البراءة من عهودهم ، وفي وجوب مقاتلتهم ، وإبعادهم عن المسجد الحرام ، أعقبه ببيان حكم أهل الكتاب : وهو أن يقاتلوا إلى أن يعطوا الجزية. وفي ذلك توطئة للكلام عن غزوة تبوك مع الروم من أهل الكتاب ، والخروج إليها في زمن العسرة والقيظ ، حين طابت الثمار واشتد الحر ، وما يتعلق بها من فضيحة المنافقين ، وتمحيص المؤمنين.
التفسير والبيان :
لما كفر اليهود والنصارى بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لم يبق لهم إيمان صحيح ، ولا شرع ولا دين ، وإنما يتبعون أهواءهم ؛ لأنهم لو كانوا مؤمنين بأصل دينهم ، لقادهم ذلك إلى الإيمان برسالة الإسلام وبنبوة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأن جميع الأنبياء بشروا به ، وأمروا باتباعه ، ولم يعد ينفعهم إيمانهم ببقية الأنبياء ؛ لأن الإسلام من عند الله ، وختمت به الديانات ، فلم يكف الإيمان بالبعض دون البعض ، ما داموا قد كفروا بخاتم النبيين وأشرف المرسلين.
لهذا أمر الله بمقاتلة أهل الكتاب ، إذا كانوا موصوفين بصفات أربع وهي :