فبدلوا التوراة والإنجيل ، ولم يعد أصل الدين المطابق للإسلام والموحى به إلى موسى وعيسىعليهماالسلام هو المعمول به.
فقاتلوا هؤلاء الموصوفين بأنهم من أهل الكتاب ، لتمييزهم عن المشركين في الحكم ، فالمشركون يجب في حقهم القتال أو الإسلام ، وأهل الكتاب يجب فيهم أحد خصال ثلاث : القتال أو الإسلام أو الجزية.
وغاية قتالهم حتى يلتزموا الدخول في عهد مصحوب بأداء الجزية ، وهم صاغرون أي ملتزمون الخضوع لأحكام الإسلام.
وكما أن قتال المشركين واجب إذا حاربوا المسلمين ، كما تقدم بيانه عن ابن العربي (١) ، كذلك قتال أهل الكتاب عند وجود مقتضيات القتال ، كالاعتداء على المسلمين أو بلادهم أو أعراضهم أو فتنتهم عن دينهم أو تهديد أمنهم وسلامتهم ، كما حصل من الروم ، فكان ذلك سببا لغزوة تبوك ، أو حسبما يرى الإمام من المصلحة الحربية معتمدا على التحركات المشبوهة ، والاستعدادات الحربية ، والحشود العسكرية على حدود دار الإسلام.
وقد سموا بأهل الكتاب ؛ لأن لهم في الأصل كتابا سماويا ، ويعتقدون في الجملة بالإله وبالبعث والحساب والرسل والشرائع والملل.
ويسمون أيضا «أهل الذمة» أي أهل العهد والميثاق الذي يوجب الإسلام معاملتهم بالعدل والمساواة بمقتضى ذمة الله ورسوله.
ويقال لهم أيضا «المعاهدون» لأنهم يقيمون في دار الإسلام بموجب عهد أو معاهدة معقودة بيننا وبينهم ، ويجب تنفيذ أحكامها واحترامها من الجانبين ، ويحرم ظلمهم وتكليفهم مالا يطيقون.
__________________
(١) أحكام القرآن : ٢ / ٨٨٩