وأنه غني عنهم في نصرة دينه ، لا يؤثر تثاقلهم فيها شيئا. قال ابن عباس : استنفر رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم حيا من العرب ، فتثاقلوا عنه ، فأمسك الله عنهم القطر ، فكان عذابهم.
ولا تضروا الله شيئا بتوليكم عن الجهاد ، وتثاقلكم عنه ؛ لأنه هو القاهر فوق عباده. وقيل: الضمير للرسول ، أي ولا تضروه ؛ لأن الله وعده أن يعصمه من الناس ، وأن ينصره ، ووعد الله كائن لا محالة : (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) [آل عمران ٣ / ١٩٤]. (وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ) [الحج ٢٢ / ٤٧].
(وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي قادر على الانتصار من الأعداء بدونكم.
ثم رغبهم الله تعالى في الجهاد ثانية ومناصرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ ...) أي إن لم تنصروا رسوله ، فإن الله ناصره ومؤيده ، وكافيه وحافظه ، كما تولى نصره عام الهجرة ، لما همّ المشركون بقتله أو حبسه أو نفيه من بلده : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ...) [الأنفال ٨ / ٣٠].
فخرج منهم هاربا بصحبة صدّيقه وصاحبه أبي بكر ، فلجأ إلى غار ثور ثلاثة أيام ، ليرجع الطلب الذين خرجوا في آثارهم ، ثم يسيروا نحو المدينة. ففزع أبو بكر على النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم لما رأى المشركين ، حال كون النبي أحد اثنين ، والثاني أبو بكر في غار جبل ثور ، إذ قال لصاحبه : لا تخف ولا تحزن ، إن الله معنا يؤيدنا بنصره وعونه وحفظه.
روى أحمد والشيخان عن أنس قال : «حدثني أبو بكر قال : كنت مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الغار ، فرأيت آثار المشركين ، فقلت : يا رسول الله ، لو أن أحدهم رفع قدمه ، لأبصرنا تحت قدمه ، فقال : يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين ، الله