والذين يؤذون الرسول بالقول أو بالفعل كوصفه بالسحر أو الكذب ، وعدم الفطنة ، والطعن في عدالته ، فلهم عذاب شديد مؤلم في الآخرة بسبب إيذائه.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآية على أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صاحب الخلق الكامل ، والفهم الشامل العميق ، والذكاء الخارق ، فسكوته عن المنافقين ليس عن غباء واغترار ، وإنما لحكمة هي أن يترك الفرصة للمنافقين بالعدول التلقائي عن قبائحهم ، وكيلا يعطي الفرصة للمشركين باستغلال حال المنافقين ، والقول بأن هذا النبي يقتل من آمن به.
ودلت الآية أيضا على أن هذا النبي أذن خير لا أذن شر ، يستمع ما فيه الصلاح والخير ، ويعرض ترفعا وإباء عن سماع الشر والفساد ، وهو أيضا رحمة للمؤمنين ، لأنه هداهم إلى سعادة الدنيا والآخرة.
وأرشدت الآية إلى أن النبي لا يؤمن بأخبار المنافقين إيمان تسليم ، ولا يصدقهم فيما يقولون ، وإن أكدوا القول بالأيمان ، لأن أدبه صلىاللهعليهوآلهوسلم يمنعه من مواجهة الناس بما يكرهون ، فهو يجري أمر المنافقين على الظاهر ، ولا يبالغ في التفتيش عن بواطنهم.
وقد وصفه الله بأوصاف ثلاثة هي أنه يؤمن بالله ، ويؤمن للمؤمنين أي يسلم لهم قولهم ، ورحمة لمن آمن ، وهذه الأوصاف توجب كونه أذن خير.
ويستنبط من الآية أيضا أن إيذاء الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما يتعلق برسالته كفر ، يترتب عليه العقاب الشديد. أما الإيذاء الخفيف المتعلق بشخصه وشؤونه الشرية وعاداته الدنيوية ، وكذا إيذاء أهل بيته ، فحرام ، لا كفر ، مثل إيذائه في إطالة المكث عنده ، كما قال تعالى : (إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ ، فَيَسْتَحْيِي