الله ورسوله أحق بالإرضاء من المؤمنين ، وذلك يكون بالطاعة والوفاق والإيمان الصادق والعمل الصالح.
والتعبير بإفراد ضمير (يُرْضُوهُ) للإعلام بأن إرضاء الرسول إرضاء لله ، كما قال تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) [النساء ٤ / ٨٠] لأن مصدر الرسالة واحد ، والأوامر والنواهي واحدة.
هذا إذا كانوا مؤمنين حقا كما يدّعون ويحلفون ، فمن كان مؤمنا فليرض الله ورسوله ، وإلا كان كاذبا.
ثم وبخهم الله تعالى مبينا خطورة الأمر والشأن الذي أقدموا عليه وفي ذلك مزيد تعظيم وتهويل ، فقال : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ) أي ألم يعلم هؤلاء المنافقون ويتحققوا أن من يعاد الله ورسوله ويخالفه ، بتجاوز حدوده ، أو يلمز رسوله في أعماله كقسمة الصدقات ، أو في أخلاقه كقولهم : هو أذن يسمع كل ما يقال له ، وكان في حد ، والله ورسوله في حد ، فجزاؤه جهنم خالدا فيها أبدا ، أي مهانا معذبا ، وذلك العذاب هو الخزي العظيم أي هو الذل العظيم ، والشقاء الكبير.
والحقيقة أن المنافقين يعرفون حقيقة أمرهم ، فهم غير مؤمنين بالله والرسول ، وهم شاكّون مرتابون في الوحي ، قلقون مضطربون ، والشك والقلق يدعوهم إلى الحذر والخوف ، لذا وصفهم تعالى بقوله : (يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ) أي يخاف المنافقون ويتحرزون أن تنزل على المؤمنين سورة تكشف أحوالهم ، وتفضح أسرارهم ، وتبين نفاقهم ، كهذه السورة التي سميت : الكاشفة والفاضحة والمنبئة ، التي تنبئ المؤمنين بما في قلوب المنافقين ، وتخبرهم بحقيقة وضعهم ، فيفتضح أمرهم ، وتنكشف أسرارهم.
وقوله : (يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ) خبر وليس بأمر بدليل ما بعده : (إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ) لأنهم كفروا عنادا. وقوله : (مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ) أي أن