سبب كل فوز وسعادة ، ولأنهم ينالون برضاه عنهم تعظيمه وكرامته ، والكرامة أكبر أصناف الثواب (ذلِكَ) إشارة إلى ما وعد الله ، أو إلى الرضوان (هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وحده دون ما يعدّه الناس فوزا.
المناسبة :
لما ذكر الله تعالى صفات المنافقين الذميمة وما أعده لهم من العذاب ، أعقبه بذكر صفات المؤمنين المحمودة وما أعده لهم من الثواب الدائم والنعيم المقيم.
وهكذا الشأن في الأسلوب القرآني يذكر المتقابلات والأضداد ، للعبرة والعظة ، وبيان الفروق ، لاختيار الإنسان ما فيه المصلحة. وهنا يتجلى الفرق الواضح بين أفعال المنافقين الخبيثة وما يستحقونه من العذاب ، وبين أفعال المؤمنين الحميدة وما يلاقونه من ثواب ، ليعلم المنافقون أنهم غير مؤمنين في الحقيقة ، وأن ما يظهرونه من إيمان نفاق وخداع ، سرعان ما ينكشف ، ولا يفيدهم مطلقا.
وأما السبب في ذكر لفظ (مِنْ) في المنافقين : (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) وفي المؤمنين لفظ (أَوْلِياءُ) : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) : فهو أن تجمع المنافقين على النفاق إنما هو بسبب التقليد والميل والعادة ، وأما تجمع المؤمنين على الإيمان فهو بسبب المشاركة في القناعة والاستدلال والتوفيق والهداية.
التفسير والبيان :
إن أهل الإيمان من الذكور والإناث متناصرون متعاضدون ، كما جاء في الحديث الصحيح: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» وشبك بين أصابعه ، وفي الصحيح أيضا : «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو ، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر».