والمؤمنون يطيعون الله ورسوله ، بفعل ما أمرا به ، وترك ما نهيا عنه ، والمنافقون فاسقون متمردون خارجون عن الطاعة.
وبسبب هذه الصفات التي يتصف بها أهل الإيمان استحقوا الرحمة : (أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) أي سيرحم الله من اتصف بهذه الصفات ، ويتعهدهم برحمته في الدنيا والآخرة ، وذكر حرف السين في قوله (سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) للتوكيد والمبالغة ، ويقابل هذا نسيانه تعالى المنافقين من رحمته : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) فهو تعالى كما وعد المنافقين نار جهنم ، فقد وعد المؤمنين الرحمة المستقبلة وهي ثواب الآخرة.
إن الله عزيز لا يمتنع عليه شيء من وعد ولا وعيد ، حكيم لا يضع شيئا في غير موضعه ، فلا حائل يحول بينه وبين عباده من رحمة أو عقوبة ، وهو الحكيم المدبر أمر عباده على وفق العدل والحكمة والصواب ، فيخص المؤمنين بالجنة والرضوان ، ويخص المنافقين بالنار والعذاب والغضب.
ثم فصل الله تعالى ما وعد به المؤمنين من الرحمة ، فأبان أن تلك الرحمة تشمل خيرات كثيرة ونعيما مقيما في جنات : بساتين مشجرة تغطي ما تحتها ، تجري الأنهار من تحت أشجارها ، فتزيدها جمالا ، وهم خالدون ماكثون فيها أبدا ، ولهم فيها مساكن طيبة أي حسنة البناء طيبة القرار ، كما جاء في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال : «جنتان : من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه ، في جنة عدن» ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة ، طولها ستون ميلا في السماء ، للمؤمن فيها أهلون ، يطوف عليهم ، لا يرى بعضهم بعضا».
وفي الصحيحين أيضا عن أبي هريرة رضياللهعنه : «إن في الجنة مائة