فيقول كما روى ابن ماجه : «اللهم اغفر لقومي ، فإنهم لا يعلمون» فمنعه الله من ذلك.
وكان عذر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في استغفاره : هو عدم يأسه من إيمانهم ، ما لم يعلم أنهم مطبوعون على الضلالة ، والممنوع هو الاستغفار بعد العلم ؛ لقوله تعالى : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ، وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى ، مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) [التوبة ٩ / ١١٣].
وقد ذكر الله تعالى هنا سبب عدم قبول الاستغفار والدعاء لهم بقوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا ...) أي إنهم كفروا وجحدوا بالله ورسوله ، فلم يقروا بوحدانية الله تعالى ، ولم يعترفوا ببعثه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأصروا على الجحود والإنكار ، فلم تعد قلوبهم مستعدة لقبول الخير والنور ، وإن سنة الله ألا يوفق للخير القوم المتمردين في الكفر ، الخارجين عن الطاعة ، الذين فقدوا الاستعداد للإيمان والتوبة. فاليأس من المغفرة وعدم قبول الاستغفار لهم ليس لبخل من الله ، ولا قصور في النبي ، بل لعدم قابليتهم بسبب الكفر الصارف عن المغفرة.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ إن المنافقين قوم حيارى مرضى القلوب لا يدركون حقيقة الأمور ، فتراهم يعيبون غيرهم من المؤمنين ، تسترا على النفاق ، وحماية لأنفسهم من افتضاح أمرهم ، وحبا في النقد والطعن ، فافتضح القرآن أسرارهم ، وأبان سوء تصرفاتهم.
٢ ـ لقد كان جزاء لمزهم وعيبهم المؤمنين المتطوعين بالإنفاق في سبيل الله هو النار والعذاب الأليم فيها ؛ لأن الجزاء من جنس العمل كما تبين.