نزول الآية (٥٩):
(وَإِمَّا تَخافَنَ) :روى أبو الشيخ ابن حيان الأنصاري عن ابن شهاب الزهري قال : دخل جبريل على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : قد وضعت السلاح ، وما زلت في طلب القوم ، فاخرج فإن الله قد أذن لك في قريظة ، وأنزل فيهم : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً) الآية.
وقال سعيد بن جبير : نزلت هذه الآيات في ستة رهط من اليهود ، منهم ابن تابوت. وقال مجاهد : نزلت في يهود المدينة ، وكان زعيمهم الطاغوت كعب بن الأشرف ، وهو فيهم كأبي جهل في مشركي مكة.
المناسبة :
بعد أن وصف الله تعالى كل الكفار بقوله : (وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ) أفرد بعضهم بمزية في الشر والعناد. وبعد أن أبان تعالى حال مشركي قريش في قتالهم النبي والمؤمنين ببدر ، ذكر حال فريق آخر قاتلوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يهود الحجاز.
التفسير والبيان :
نزلت هذه الآيات في يهود بني قريظة ، ومفادها : إن شر ما دبّ على وجه الأرض في حكم الله وعدله هم الذين كفروا ونقضوا العهد ، فهم شر خلق الله لاتصافهم بصفتين : الإصرار على الكفر الدائم والعناد ، ونقض العهد الذي عاهدوه وأكدوه بالأيمان ، ولهم صفة ثالثة هي أنهم لا يتقون الله ولا يخافون منه في شيء ارتكبوه من الآثام ، ولا يتقونه في غدرهم ونقض العهد.
وقد وصفهم الله بأنهم شر الدواب للإشارة إلى أنهم بلغوا درجة الدواب ، بل هم شر منها ؛ لعدم وجود نفع منهم ، كما قال تعالى في أمثالهم : (إِنْ هُمْ إِلَّا