كَالْأَنْعامِ ، بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) [الفرقان ٢٥ / ٤٤](أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ ، بَلْ هُمْ أَضَلُّ ، أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) [الأعراف ٧ / ١٧٩].
وبعد أن أبان الله تعالى صفاتهم الثلاث وأخصها هنا تكرار نقض العهد ، أبان حكم من نقض العهد وهو القتل ، فقال : (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ) أي إن ظفرت بهم في الحرب ، فافعل بهم فعلا يفرّق بهم من خلفهم ، أي فنكّل بهم تنكيلا شديدا يخافك من وراءهم أو سواهم من الأعداء من العرب وغيرهم ، ويصيروا لهم عبرة ، افعل هذا لعلهم يتعظون بهم ، ويحذرون أن ينقضوا العهد ، فيصنع بهم مثل ذلك.
وفي هذا دلالة على أن الحرب ليست مرغوبة ، وإنما هي ضرورة لمنع البغي والعدوان وإعلاء كلمة الله ، وإن القسوة مع ناقضي العهد أمر مطلوب للعظة والعبرة ، حتى لا يعودوا هم وغيرهم إلى مثل صنيعهم.
وبما أن الوقاية خير من العلاج ، أوضح الله تعالى أيضا حكم من ظهرت منه بوادر نقض العهد والخيانة بأمارة من الأمارات ، فقال تعالى : (وَإِمَّا تَخافَنَّ ...).
أي إن توقعت من قوم معاهدين وغلب على ظنك خيانة بنقض العهد الذي بينك وبينهم ، بأمارة ظاهرة وقرينة واضحة ، فاطرح لهم عهدهم على سواء ، أي أعلمهم بأنك قد نقضت عهدهم ، وأنه لا عهد بينك وبينهم على السواء ، فتكون أنت وهم متساويين في العلم بنقض العهد ، وبأنك حرب لهم وهم حرب لك ، أي قيام حالة الحرب. والنبذ لغة : الرمي والرفض. والسواء : المساواة والاعتدال.
إن الله يكره الخيانة ويعاقب عليها ، حتى ولو في حق الكفار ، فلا يك منك إخفاء نكث العهد والخداع.