(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ، ساءَ ما يَحْكُمُونَ) أي يظنون [العنكبوت ٢٩ / ٤].
إنهم لا يعجزون الله تعالى ولا يفوتونه ، وإنما سيجزون على كفرهم ، كما قال تعالى : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ، وَمَأْواهُمُ النَّارُ ، وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [النور ٢٤ / ٥٧] وقال تعالى أيضا : (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ ، وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ) [التوبة ٩ / ٢].
فالآية تطمين للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه منتقم ممن كفروا وآذوه ، وقطع لأطماعهم بالتغلب على المؤمنين.
فقه الحياة أو الأحكام :
تضمنت الآية الأولى : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ ...) بيان أوصاف اليهود من بني قريظة ، فهم كفرة ، ناقضوا العهود على الدوام ، لا يتقون الله في غدرهم وخيانتهم.
قال أهل المعاني : إنما عطف المستقبل (ثُمَّ يَنْقُضُونَ ...) على الماضي (الَّذِينَ كَفَرُوا ...) لبيان أن من شأنهم نقض العهد مرة بعد مرة.
قال ابن عباس : هم قريظة ، فإنهم نقضوا عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأعانوا عليه المشركين بالسلاح في يوم بدر ، ثم قالوا : أخطأنا ، فعاهدهم مرة أخرى ، فنقضوه أيضا يوم الخندق.
ثم أوضح الله تعالى ما يفعل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في حق من يجده في الحرب من ناقضي العهد وهو التنكيل الشديد ، ليكون عبرة لغيره.
ثم ذكر ما يجب أن يفعله فيمن ظهر منه نقض العهد والغش في قوله : (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) وهو نبذ العهد وإعلامه بانتهاء المعاهدة ، حتى