وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) [يونس ١٠ / ٨٨] ومثلك يا عمر كمثل نوح قال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) [نوح ٧١ / ٢٦].
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنتم اليوم عالة ، أنتم اليوم عالة ، فلا ينفلتنّ منهم أحد ، إلا بفداء أو ضرب عنق؟ قال ابن مسعود : فأنزل الله عزوجل : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) الآيات (١).
وتنفرد رواية سادسة ذكرها مسلم وأحمد عن عكرمة بن عمارة عن ابن عباس في وصف حال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وصاحبه أبي بكر بعد نزول الآية ، وتصرح بأن الذين اختاروا الفداء كثيرون ، قال : حدثني عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم بدر والتقوا ، فهزم الله المشركين ، وقتل منهم سبعون رجلا ، وأسر سبعون رجلا ، استشار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبا بكر وعمر وعليا ، فقال أبو بكر : يا رسول الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان ، وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية ، فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار ، وعسى الله أن يهديهم ، فيكونوا لنا عضدا. فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : ما ترى يا ابن الخطاب؟
قال : قلت : والله ما أرى ما رأى أبو بكر ، ولكن أن تمكنني من فلان قريب لعمر فأضرب عنقه ، وتمكّن عليا من عقيل فيضرب عنقه ، وتمكّن حمزة من فلان أخيه ، فيضرب عنقه ، حتى يعلم الله عزوجل أنه ليس في قلوبنا موادة للمشركين ، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم ، فهوي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما قال أبو بكر ، ولم يهو ما قلت ، فأخذ منهم الفداء.
فلما كان من الغد ، قال عمر : غدوت إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإذا هو قاعد ، وأبو بكر الصديق ، وإذا هما يبكيان ، فقلت : يا رسول الله ، أخبرني ، ماذا يبكيك أنت وصاحبك ، فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت؟
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي : ص ١٣٦ وما بعدها.