(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا ، فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) أي والذين يؤذون أهل الإيمان من الرجال والنساء بوجه من وجوه الأذى من قول أو فعل ، وسواء أكان الإيذاء للعرض ، أو الشرف أو المال ، بأن ينسبوا إليهم ما هم برآء منه ، لم يعملوه ولم يفعلوه ، فهو إيذاء بغير حق ، كأن يشتم المؤمن أحدا ، أو يضربه ، أو يقتله ، فقد أتوا بالكذب المحض والبهتان الكبير : وهو نسبة شيء لهم لا علم لهم به ولم يفعلوه ، على سبيل العيب والإنقاص ، وارتكبوا ذنبا واضحا بينا. ونظير الآية : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ، ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [النساء ٤ / ١١٢]. والبهتان : الفعل الشنيع ، أو الكذب الفظيع.
ومن أشد أنواع الأذى : الطعن في الصحابة ، والغيبة ، واستباحة عرض المسلم ، روى الإمام أحمد والترمذي عن عبد الله بن المغفّل المزني قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه».
وروى أبو داود والترمذي عن أبي هريرة : أنه قيل : «يا رسول الله ، ما الغيبة؟ قال : ذكرك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته».
وروى ابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأصحابه : «أي الربا أربى عند الله؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : أربى الربا عند الله استحلال عرض امرئ مسلم» ثم قرأ : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً).