(مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) أي إنهم في حال مدة إقامتهم في المدينة فترة زمنية قليلة مطرودون من رحمة الله منبوذون ، وأينما وجدوا وأدركوا أخذوا لذلتهم وقلتهم ، وقتّلوا شر تقتيل ، فلن يجدوا أحدا يؤويهم ، بل ينكل بهم ويؤسرون ويقتّلون تقتيلا شديدا يستأصلهم.
وهذا دليل على أخذهم أسرى ، والأمر بقتلهم إذا ظلوا على النفاق ، وقد كان ذلك في أواخر حياة الرسول صلىاللهعليهوسلم.
ثم أوضح الله تعالى أن هذا الجزاء عام في جميع المنافقين الغابرين واللاحقين فقال :
(سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ، وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) أي إن هذا الحكم ـ وهو لعن المنافقين وأخذهم وتقتيلهم وتسليط المؤمنين عليهم وقهرهم ـ هو سنة الله وطريقته في المنافقين في كل زمان مضى ، إذا بقوا على نفاقهم وكفرهم ، ولم يرجعوا عما هم عليه ، وسنة الله في ذلك لا تبدل ولا تغير ، لقيامها على الحكمة والمصلحة وصلاح الأمة ، بل هي ثابتة دائمة في أمثال هؤلاء على ممر التاريخ.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات ما هو آت :
١ ـ اتفق أهل التفسير على أن الأوصاف الثلاثة : النفاق ، ومرض القلب ، والإرجاف لشيء واحد كما تقدم ، أي إن المنافقين قد جمعوا هذه الأشياء (١). والآية دليل على تحريم الإيذاء بالإرجاف وعلى أن تتبع عورات النساء نفاق.
__________________
(١) قالوا : والواو مقحمة ، كما قال الشاعر :
إلى الملك القرم وابن الهمام |
|
وليث الكتيبة في المزدحم |
أي إلى الملك القرم ابن الهمام ليث الكتيبة.