البلاغة :
(لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى) تشبيه مرسل مجمل ، ذكر فيه أداة الشبه ، وحذف وجه التشبيه.
المفردات اللغوية :
(لا تَكُونُوا) مع نبيكم محمد صلىاللهعليهوسلم (كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى) وهم اليهود ، كقولهم : ما يمنعه أن يغتسل معنا إلا أنه آدر ، أو اتهامه بالفاحشة ، كما روي أن قارون حرض امرأة على قذف موسى بنفسها ، فعصمه الله وبرّأه مما قالوا (فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا) من كثير من التهم الباطلة ، منها أنه وضع ثوبه على حجر ليغتسل ، فطار الثوب مع الحجر ، حتى استقر أمام ملأ من بني إسرائيل ، فأدركه موسى ، فأخذ ثوبه ، فاستتر به ، فرأوه ولا أدرة به وهي نفخة في الخصية. (وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) ذا جاه وقدر وقربة ووجاهة عنده تعالى.
(اتَّقُوا اللهَ) في ارتكاب ما يكرهه ، فضلا عما يؤذي رسوله صلىاللهعليهوسلم (وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) قاصدا إلى الحق (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) يوفقكم للأعمال الصالحة أو يصلحها بالقبول والإثابة عليها ويتقبلها (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) أي يسترها ويكفّرها بالاستقامة في القول والعمل (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ) أي في الأوامر والنواهي (فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) نال غاية مطلوبة ، بالعيش في الدنيا حميدا وفي الآخرة سعيدا.
المناسبة :
بعد أن بيّن الله تعالى أن من يؤذي الله ورسوله صلىاللهعليهوسلم يلعن ويعذب ، مما يدل على أن إيذاءهما كفر ، أرشد المؤمنين إلى ضرورة الامتناع من إيذاء لا يؤدي إلى الكفر ، مثل عدم الرضا بقسمة النبي صلىاللهعليهوسلم الفيء بين أصحابه.
أما إيذاء موسى فمختلف فيه ، قال بعضهم : هو إيذاؤهم إياه بنسبته إلى عيب في بدنه ، أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : قال لموسى قومه : إنه آدر ، فخرج ذات يوم ليغتسل ، فوضع ثيابه على حجر ، فخرجت الصخرة تشتد بثيابه ، فخرج موسى يتبعها عريانا ، حتى انتهت به إلى مجالس بني إسرائيل ، فرأوه وليس بآدر.