الأخشاب ونحوها ، مأخوذة من أرضيت الخشبة : أكلتها الأرضة ، ويقال : أرضيت الأرضة الخشبة أرضا. (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) عصاه ؛ لأنها ينسأ بها ، أي يطرد ويزجر بها. (فَلَمَّا خَرَّ) سقط ميتا. (تَبَيَّنَتِ الْجِنُ) انكشف لهم. (أَنْ لَوْ كانُوا أَنْ) : مخففة من الثقيلة ، أي أنهم. (يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ) كما زعموا ، لعلموا بموته. (ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) ما أقاموا في الأعمال الشاقة التي كلّفوا بها ، لظنهم حياته. قيل : وقد أرادوا أن يعرفوا وقت موته ، فوضعوا الأرضة على العصا ، فأكلت يوما وليلة مقدارا ، فحسبوا ذلك ، فوجدوه قد مات منذ سنة ، وكان عمره ثلاثا وخمسين سنة ، وملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وابتدأ عمارة بيت المقدس لأربع مضين من ملكه. وقال كما ذكر الماوردي بعد الانتهاء من بناء المسجد الأقصى : «اللهم إني أسألك لمن دخل هذا المسجد خمس خصال : لا يدخله مذنب دخل للتوبة إلا غفرت له وتبت عليه ، ولا خائف إلا أمّنته ، ولا سقيم إلا شفيته ، ولا فقير إلا أغنيته ، والخامس : ألا تصرف نظرك عمن دخله حتى يخرج منه إلا من أراد إلحادا أو ظلما ، يا ربّ العالمين».
المناسبة :
بعد بيان ما أنعم الله به على داود عليهالسلام من النبوة والملك ، ذكر تعالى ما أنعم به على سليمان من تسخير الريح له ، حيث كانت تجري من الغداة إلى منتصف النهار مسيرة شهر ، ومن منتصف النهار إلى الليل مسيرة شهر ، وإذابة النحاس كإذابة الحديد لأبيه داود ، وتسخير الجن لبناء القصور الشامخة وصناعة الجفان الكبيرة كالأحواض ، والقدور الثابتة التي لا تتحرك لسعتها وكبرها. وهذه الأشياء الثلاثة تقابل الثلاثة في حقّ داود وهي تسخير الجبال الذي هو من جنس تسخير الريح لسليمان ، وتسخير الطير الذي هو من جنس تسخير الجن لسليمان ، وإلانة الحديد كإلانة النحاس لسليمان.
التفسير والبيان :
ذكر الله تعالى في هذه الآيات نعما ثلاثا كبري أنعم بها على سليمان عليهالسلام وهي :
١ ـ تسخير الريح : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ ، غُدُوُّها شَهْرٌ ، وَرَواحُها شَهْرٌ)