استهزاء وتعنتا وجهلا : متى يكون هذا الوعد الذي تعدوننا به يا محمد والمؤمنون ، وهو قيام الساعة ، أخبرونا به إن كنتم صادقين في قولكم. وهذا كقوله تعالى : (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها ، وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُ) [الشورى ٤٢ / ١٨].
والجواب هو :
(قُلْ : لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ ، لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) أي قل لهم أيها الرسول : لكم موعد يوم مؤجل محدد لا شك فيه ، هو يوم البعث والقيامة ، لا تتأخرون عنه ساعة ولا تتقدمون عليه ، لا يزاد ولا ينقص ، بل يكون لا محالة في الوقت الذي قدّر الله وقوعه فيه. وفي هذا إنذار كاف.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ الله سبحانه وتعالى في الواقع الذي لا يقبل سواه ، وفي اعتراف المشركين أنفسهم هو خالق الأرزاق الكائنة من السموات ، عن المطر والشمس والقمر والنجوم وما فيها من المنافع ، والخارجة من الأرض عن الماء والنبات ، وبما أن الله هو الخالق الرازق فهو الذي ينبغي أن يعبد. ومن المعلوم أن العامة يعبدون الله ، لا لكونه إلها ، وإنما يطلبون به شيئا : إما دفع ضرر ، أو جر نفع.
٢ ـ الحق واحد لا يتعدد ، فلا يعقل أن يكون كل المؤمنين والمشركين في حال واحدة من الهدى أو الضلال ، بل هما متعارضان متضادان ، وأحد الفريقين مهتد ، وهم المؤمنون ، والآخر ضال وهم المشركون.
وقد كذبهم القرآن بأسلوب يعد أحسن من تصريح الكذب ، وهو أن المشركين هم الضالون حين أشركوا بالذي يرزقهم من السموات والأرض. فقوله تعالى : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) كما تقول : أنا أفعل كذا ،