من إثبات البعث والحشر والحساب والجزاء ، ثم ذكر صورة من الحوار الحادّ بين الرؤساء المضلين والأتباع الضالين ، وأوضح وصفا للجزاء الذي يلقونه على أعمالهم في الدنيا.
التفسير والبيان :
هذا لون من تمادي الكفار في طغيانهم وعنادهم وهو إصرارهم على عدم الإيمان بالقرآن الكريم ، وبما أخبر به من أمر المعاد ، فقال تعالى :
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا : لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) أي وقال جماعة من مشركي العرب في مكة وغيرها : لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالكتب السماوية السابقة ، كالتوراة والإنجيل ، ولا بما اشتملت عليه من أمور الآخرة من بعث وحشر وحساب وجزاء. والمعنى : أنهم جحدوا نزول القرآن من الله تعالى ، وأن يكون لما دل عليه من المعاد وإعادة الجزاء حقيقة.
ثم أخبر تعالى عن عاقبة أمرهم ومآلهم في الآخرة وحوارهم فيما بينهم فقال لرسوله أو للمخاطب :
(وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ) أي ولو تنظر أيها الرسول حين يكون الكافرون أذلة مهانين محبوسين في موقف الحساب ، يتخاصمون ويتحاجون ويتحاورون فيما بينهم ويتراجعون الكلام فيما بينهم باللوم والعتاب ، لرأيت العجيب والمخيف.
وصورة الحوار هي :
(يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا : لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) أي يقول الأتباع الضعفاء للسادة الرؤساء المتكبرين في الدنيا : لو لا صدكم لنا عن الإيمان بالله واتباع رسوله صلىاللهعليهوسلم ، لكنا مؤمنين بالله ، مصدقين برسوله صلىاللهعليهوسلم وكتابه.