ما قال العبد ، وكلنا لك عبد ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ».
ونظير الآية قوله تعالى : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ، وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ ، فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ) [الأنعام ٦ / ١٧].
وفي موطأ مالك : بلغه أن أبا هريرة كان يقول إذا أصبح ، وقد مطر الناس : مطرنا بنوء الفتح ، ثم يتلو هذه الآية : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ ، فَلا مُمْسِكَ لَها).
وبعد بيان كونه تعالى مصدر الخلق والرزق والنعم ، أمر بتذكر نعمه والإقرار بالتوحيد فقال :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ ، اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ ، هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ، فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) أي يا أيها الناس قاطبة ، تذكروا نعم الله عليكم ، وارعوها ، واحفظوها بمعرفة حقوقها والاعتراف بها ، وأفردوا موجدها بالعبادة والطاعة ، فهو وحده رازقكم من السماء بالمطر ، ومن الأرض بالنبات وغير ذلك ، وأعلنوا توحيد الله وأنه لا إله إلا هو ، وإذا أقررتم بذلك ، فكيف بعد هذا البيان ووضوح البرهان تصرفون عن الحق : وهو توحيد الله وشكره ، وتعبدون بعد هذا الأنداد والأوثان؟!
وبعد تقرير الأصل الأول وهو التوحيد ، قرر الله تعالى الأصل الثاني وهو الرسالة ، فقال مسلّيا رسوله صلىاللهعليهوسلم عن تكذيب قومه :
(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ ، فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ، وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) أي وإن يكذّبك يا محمد هؤلاء المشركون ، ويعارضونك فيما جئت به من التوحيد ، بعد إثباته بالأدلة والبراهين ، فتأسّ بمن سلف قبلك من الرّسل ، فإنهم أيضا جاؤوا قومهم بالبيّنات وأمروهم بالتوحيد ، فكذبوهم وخالفوهم ، ومصير