قال الزمخشري في آية (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ ..) : الآية مطلقة تتناول كلّ زيادة في الخلق من طول قامة ، واعتدال صورة ، وتمام في الأعضاء ، وقوة في البطش ، وحصافة في العقل ، وجزالة في الرأي ، وجرأة في القلب ، وسماحة في النفس ، وذلاقة في اللسان ، ولباقة في التّكلّم ، وحسن تأتّ (١) في مزاولة الأمور ، وما أشبه ذلك مما لا يحيط به الوصف (٢).
٥ ـ الله عزوجل نافذ المشيئة والإرادة والأمر ، فإذا منح نعمة لأحد ، فلا يقدر أحد أن يمنعها ، وإذا حرم أحدا نعمة ، لم يستطع أحد إعطاءه إياها. وبما أن الرّسل بعثوا رحمة للناس ، فلا يقدر على إرسالهم غير الله ، وأي شيء يمسك الله فلا أحد يقدر على إطلاقه.
وتنكيره الرحمة : (مِنْ رَحْمَةٍ) يفيد العموم والشمول ، والإشاعة والإبهام ، فهي متناولة لكل رحمة ، سماوية كانت أو أرضية.
٦ ـ على الناس شكر نعمة الله عليهم ، بحفظها وأداء حقها وذكرها باللسان والقلب ، وإفراد المنعم بالطاعة والعبادة والثناء عليه بما هو أهله ، وإنهاء التعلق بالأصنام والأوثان وجعلها شركاء لله ، وهو أبطل الباطل الذي لا يقره العقل المتحضر ، ولا الإنسان المتمدن.
٧ ـ لا أحد على الإطلاق يأتي بالرزق ، فالله تعالى مصدر الرزق من السماء بالمطر ، ومن الأرض بالنبات.
٨ ـ يجب على الخلق جميعا إعلان توحيد الله ، فالوحدانية في صحيفة الكون ، في الضمير والوجدان ، ومقتضى الفطرة ، وفي ميزان العقل الراقي.
__________________
(١) التأتي في الأمور : التّرفق لها ، وإتيانها من وجهها ، وعلاجها بحكمة.
(٢) الكشاف : ٣ / ٥٦٩