وجحود الكافر المعاند ، ضرب الله تعالى الأمثال للكافر والمؤمن ، وللباطل والحق ، وللجنة والنار ، وللمؤمنين والكافرين ، وعدّد الأمثلة ، للتعريف بأن المؤمن بصير الطريق ، والكافر أعمى الطريق ، وأن الإيمان نور فلا يخفى على المؤمن ، والكفر ظلمة فيزيد الأعمى حيرة ، ثم ذكر مآلهما ومرجعهما ، فالمؤمن بإيمانه في ظل وراحة ، والكافر بكفره في حر وتعب ، ثم جعل الكافر أسوأ حالا من الأعمى فشبهه بالميت ؛ لأنه غير مدرك إدراكا نافعا ، فهو كالميت ، أما الأعمى فقد يدرك شيئا ما كالبصير. ثم أوضح تعالى أن الهداية بيده يمنحها من يشاء ، ولكنه لم يترك سبيلا لأحد بالاعتذار ، فقد أرسل الرسل والأنبياء في كل أمة من الأمم ، فمن آمن نجا ، ومن عصى عذب في النار.
التفسير والبيان :
(وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ ، وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ ، وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ) هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمنين وللكافرين ، فكما لا تستوي هذه الأشياء المتباينة المختلفة في حقيقتها وفائدتها ، كذلك لا يتساوى الكافر الذي عمي عن دين الله ، والمؤمن الذي عرف طريق الرشاد فاتبعه وانقاد له ، ولا تتساوى ظلمات الكفر ونور الإيمان ، أو الباطل والحق ، ولا يتساوى الثواب والعقاب أو الجنة والنار.
فالمؤمن سميع بصير يمشي في نور على صراط مستقيم في الدنيا والآخرة ، حتى يستقر به الحال في الجنات ذات الظلال الوارفة والعيون المتدفقة ، والكافر أصم أعمى يمشي في ظلمات لا خروج له منها ، بل يتيه في غيه وضلاله في الدنيا والآخرة ، حتى ينتهي به الأمر إلى الحرور والسموم والحميم.
(وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ) أي ولا يتساوى المؤمنون أحياء القلوب والنفوس والمشاعر ، والكافرون أموات القلوب والحواس.