ثم سلّى رسوله صلىاللهعليهوسلم عما يلقاه من صدود قومه وتكذيبهم وإعراضهم عن دعوته ، فقال:
(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) أي وإن يكذبك أيها الرسول قومك فقد كذبت الأمم الماضية من قبلهم أنبياءهم ، جاءتهم رسلهم بالمعجزات الواضحة والأدلة القاطعة ، وبالكتب المكتوبة كصحف إبراهيم ، وبالكتاب الواضح البيّن ، كالتوراة والإنجيل. وكرر الزبر والكتاب ، وهما واحد ، لاختلاف اللفظين.
ثم هدد مخالفيه وأوعدهم بالعقاب ، فقال :
(ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) أي ومع كل هذه الأدلة كذب أولئك رسلهم فيما جاءوهم به ، فأخذتهم بالعقاب والنكال ، فكيف رأيت إنكاري عليهم شديدا بليغا؟!
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات ما يأتي :
١ ـ لا مساواة بين الكافر والمؤمن والجاهل والعالم ، ولا بين الكفر والإيمان أو الحق والباطل ، ولا بين الثواب والعقاب أو الجنة والنار ، ولا بين العقلاء والجهال أو أحياء القلوب وأموات القلوب.
٢ ـ إن الله يسمع أولياءه الذين خلقهم لجنته ، ويهدي أحباءه لطاعته ، ولن يستطيع النبي إسماع الكفار الذين أمات الكفر قلوبهم ؛ أي كما لا يسمع من مات ، كذلك لا يسمع من مات قلبه. والمراد بالآية : أن الكفار الذين حجبوا نور الهداية عن قلوبهم هم بمنزلة أهل القبور في أنهم لا ينتفعون بما يسمعونه ولا يقبلونه.