ومن لم يخش الله فليس بعالم. والمراد به العالم بعلوم الطبيعة والحياة وأسرار الكون. وسبب خشية العلماء من الله أن الله قوي في انتقامه من الكافرين ، غفور لذنوب المؤمنين به التائبين إليه ، والمعاقب والمثيب حقه أن يخشى ، وهذا يوجب الخوف والرجاء ، فكونه عزيزا ذا انتقام يوجب الخوف التام ، وكونه غفورا لما دون ذلك يوجب الرجاء البالغ ، وهذا كله يدركه بدقة وشمول العلماء المتخصصون.
قال ابن عباس : العالم بالرحمن : من لم يشرك به شيئا ، وأحلّ حلاله ، وحرّم حرامه ، وحفظ وصيته ، وأيقن أنه ملاقيه ، ومحاسب بعمله.
وقال الحسن البصري : العالم : من خشي الرحمن بالغيب ، ورغب فيما رغّب الله فيه ، وزهد فيما سخط الله فيه ، ثم تلا الآية : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ، إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ).
وقال سعيد بن جبير : الخشية : هي التي تحول بينك وبين معصية الله عزوجل.
وعن ابن مسعود رضياللهعنه قال : ليس العلم عن كثرة الحديث ، ولكن العلم عن كثرة الخشية. وقال مالك : إن العلم ليس بكثرة الرواية ، وإنما العلم نور يجعله الله في القلب.
ثم أخبر الله تعالى عن العلماء بكتاب الله العاملين به ، فقال :
(إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ ، وَأَقامُوا الصَّلاةَ ، وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) أي إن الذين يواظبون على تلاوة القرآن الكريم ويعملون بما فيه من فرائض ، كإقام الصلاة المفروضة في أوقاتها ، مع كمال أركانها وشرائطها والخشوع فيها ، والإنفاق مما أعطاهم الله تعالى من فضله ليلا ونهارا ، سرا وعلانية ، هؤلاء يطلبون ثوابا من الله على طاعتهم ، لا بد من حصوله ، لذا قال :