مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء ٢٦ / ٢٢٧] ومكر السيء : أي مكر العمل السيء ، والمكر : هو الحيلة والخداع والعمل القبيح ، وهو هنا الكفر وخداع الضعفاء ، وصدهم عن الإيمان ليكثر أتباعهم.
ثم هددهم بجزاء أمثالهم ، فقال :
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ) أي فهل ينتظرون إلا عقوبة لهم على تكذيبهم الرسول صلىاللهعليهوسلم ومخالفة أوامره مثل عقوبة الله للأمم الماضية المكذبين.
(فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً ، وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) أي تلك سنة الله وطريقته. التي لا تتغير ولا تتبدل في كل مكذب ، فلن توضع الرحمة موضع العذاب ، ولن يحوّل العذاب من مكذب إلى غيره ، كما قال تعالى : (وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ ، وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) [الرعد ١٣ / ١١].
ثم لفت أنظارهم إلى آثار تدمير الماضين المكذبين فقال :
(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ، فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) أي أولم ينتقلوا في الأراضي في رحلاتهم إلى الشام واليمن والعراق ، فيشاهدوا مصير السابقين الذين كذبوا الرسل ، كيف دمّر الله عليهم ، وللكافرين أمثالهم ، بالرغم من أنهم كانوا أشد قوة من قريش وأكثر عددا وعددا ، وأموالا وأولادا ، فما أغنى ذلك شيئا ، ولا دفع عنهم من عذاب الله من شيء ، لما جاء أمر ربك ، لأنه كما قال تعالى :
(وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ ، إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً) أي لأن الله لا يعجزه ولا يفوته أو يسبقه شيء إذا أراد حدوثه في السموات والأرض ، فلن يعجزه هؤلاء المشركون المكذبون لرسوله صلىاللهعليهوسلم ، ولن يفلتوا من عقابه ؛ لأن الله تعالى عليم بجميع الكائنات لا يخفى عليه شيء ، قدير