لا يصعب عليه أمر ، فهو يعلم المستحق للعقوبة ، قادر على الانتقام منه في أي وقت أو مكان شاء.
ثم أبان الله تعالى سياسته العقابية ، وأخبر عن سابغ وواسع رحمته بالناس ، فقال :
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ) أي لو عجل تعالى العقاب وآخذ الناس بجميع ذنوبهم ، لأهلك جميع أهل السموات والأرض ، وما يملكونه من دواب وأرزاق ، لشؤم معاصيهم. والمراد بالدابة كما قال ابن مسعود : جميع الحيوان مما دبّ ودرج.
(وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ ، فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً) أي ولكن يؤجل عقابهم ومؤاخذتهم بذنوبهم إلى وقت محدد وهو يوم القيامة ، فيحاسبهم يومئذ ، ويوفي كل عامل بعمله ، فيجازي بالثواب أهل الطاعة ، وبالعقاب أهل المعصية ، والله بصير بمن يستحق منهم الثواب ، ومن يستحق منهم العقاب ، لا يخفى عليه شيء من أمرهم.
ونظير الآية : (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ، لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ ، بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) [الكهف ١٨ / ٥٨].
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ أقسمت قريش قبل بعثة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، حين بلغهم أن أهل الكتاب كذّبوا رسلهم أنه إن جاءهم نبي ليكونن أهدى ممن كذب الرسل من أهل الكتاب. وكانت العرب تتمنى أن يكون منهم رسول كما كانت الرسل من بني إسرائيل.
فلما جاءهم ما تمنّوه وهو الرسول النذير ، من أنفسهم ، نفروا عنه ، ولم يؤمنوا