به ، تكبرا وعتوا عن الإيمان ، ومكرا منهم بصدهم عن الإيمان ليكثر أتباعهم.
٢ ـ لكن تنكر المشركين للعهد بالله ، وإخلالهم بالوفاء باليمين ، وعاقبة شركهم : لا ترتد آثاره إلا عليهم أنفسهم. وهذا ما دل عليه قوله تعالى : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ). وفي أمثال العرب : «من حفر لأخيه جبّا ، وقع فيه منكبّا» وروى الزهري أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تمكر ولا تعن ماكرا ، فإن الله تعالى يقول : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) ولا تبغ ولا تعن باغيا ، فإن الله تعالى يقول : (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) وقال تعالى : (إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ). وفي الحديث الذي أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن قيس بن سعد : «المكر والخديعة في النار» أي تدخل أصحابها في النار ؛ لأنها من أخلاق الكفار ، لا من أخلاق المؤمنين الأخيار ، قال صلىاللهعليهوسلم : «وليس من أخلاق المؤمن : المكر والخديعة والخيانة».
٣ ـ ما موقف المشركين المعاند من نبي الله إلا كموقف من ينتظر العذاب الذي نزل بالكفار الأولين ، وقد أجرى الله العذاب على الكفار ، وجعل ذلك سنة أي طريقة فيهم ، فهو يعذب المستحق ، لا يقدر أحد أن يبدل ذلك ، ولا أن يحول العذاب عن نفسه إلى غيره. والإهلاك ليس سنة الأولين وإنما هو سنة الله بالأولين.
٤ ـ تأكيدا لهذا الموقف نبّههم الله تعالى إلى الأمثلة الواقعية من تاريخ الأمم الغابرة ، وهم الذين يشاهدون آثار تدمير مساكنهم ودورهم أثناء تجاراتهم ورحلاتهم إلى بلاد اليمن والشام والعراق ، مثل إهلاك قوم عاد وثمود ومدين وغيرهم ، لما كذبوا رسل الله ، وكانوا أشد من أهل مكة قوة ، وأكثر أموالا وأولادا ، وإذا أراد الله إنزال عذاب بقوم لم يعجزه ذلك.
٥ ـ اقتضت رحمة الله تبارك وتعالى ألا يعجل العذاب للعصاة والكفار على