ولما علّم الله المؤمنين أدب الدخول إلى البيوت وصون الأذن والعين من النظر المحرّم ، أكده بما يحملهم على محافظته ، فقال :
٤ ـ (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ ، وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ) أي ما صح وما ينبغي لكم أن تكونوا سببا في إيذاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو تفعلوا فعلا يضايقه ويكرهه ، كالمكث في منزله والاشتغال بالحديث ، فكل ما منعتم عنه مؤذ ، فامتنعوا عنه ، فإنه صلىاللهعليهوسلم حريص على ما فيه إسعادكم وخيركم في الدنيا والآخرة ، ومن أشد أنواع الأذى ومما هو حرام عليكم أن تتزوجوا أبدا بنسائه بعد مفارقتهن بموت أو طلاق ، تعظيما له ، ولأنهن أمهات المؤمنين ، ولأنه ذنب عظيم كما قال تعالى :
(إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً) أي إن إيذاء الرسول صلىاللهعليهوسلم ونكاح أزواجه من بعده ذنب عظيم وإثم كبير. وفي هذا تعظيم الأمر ، وتشديد فيه وتوعد عليه ، ثم أكد ذلك بالبعد عن الإيذاء في الباطن والظاهر فقال :
(إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ ، فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) أي إن تظهروا شيئا من الأذى أو تكتموه ، فإن الله عليم علما تاما دقيقا به ، يعلم ما تكنّه ضمائركم ، وتنطوي عليه سرائركم ، ولا تخفى عليه خافية : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر ٤٠ / ١٩] وهو مجاز كل إنسان بحسب ذلك العلم.
ثم استثنى الله تعالى من حكم حجاب أزواج النبي على الأجانب المحارم ونساء المؤمنين والأرقاء ، فقال :
(لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ ، وَاتَّقِينَ اللهَ ، إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) أي لا إثم على أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم في ترك الحجاب أمام آبائهن