بالإذن ، والدخول حرام إلا لأجل الأكل ونحوه ، وظاهر الآية حرمة مكث المدعو بعد تناول الطعام إذا كان ذلك مؤذيا لصاحب البيت.
ودخل في النهي سائر بيوت المؤمنين ، فلا يجوز دخولها إلا بإذن عند الأكل ، لا قبله لانتظار الطعام.
٢ ـ يجب التفرق والخروج من البيت والانتشار في أرض الله تعالى بعد تناول الطعام ، وانتهاء المقصود من الأكل ونحوه ، لقوله تعالى : (فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا) والمراد من الأمر : إلزام الخروج من المنزل عند انقضاء المقصود من الأكل ، بدليل أن الدخول من غير إذن حرام ، وإنما جاز لأجل الأكل ، فإذا انقضى الأكل زال السبب المبيح ، وعاد التحريم إلى أصله.
٣ ـ قوله تعالى : (بُيُوتَ النَّبِيِ) دليل على أن البيت للرجل ، ويحكم له به ، فإن الله تعالى أضافه إليه إضافة ملك. وأما الإضافة في قوله تعالى : (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَ) [الأحزاب ٣٣ / ٣٤] فهي إضافة محل ، بدليل أنه جعل فيها الإذن للنبي صلىاللهعليهوسلم ، والإذن إنما يكون للمالك.
وأما سكنى نساء النبي صلىاللهعليهوسلم في بيوته في حياته وبعد موته من غير تملك ، فهو حق لهن على الصحيح ؛ فإن ذلك من مؤونتهن التي كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم استثناها لهن ، كما استثنى لهن نفقاتهن حين قال فيما رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي عن عمر وعثمان وغيرهما : «لا تقتسم ورثتي دينارا ولا درهما ، ما تركت بعد نفقة أهلي ومؤونة عاملي ، فهو صدقة» ويدل لذلك أن مساكنهن لم يرثها عنهن ورثتهن ، ولو كان ذلك ملكا لهن كان لا شك قد ورثه عنهن ورثتهن ، وعدم الإرث دليل على أنها لم تكن ملكا لهن ، وإنما كان لهن سكنى حياتهن ، فلما توفّين جعل ذلك زيادة في المسجد الذي يعم المسلمين نفعه ، كما جعل ذلك الذي كان لهن من النفقات في تركة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فزيد إلى أصل المال ، فصرف في منافع المسلمين مما يعمّ جميعهم نفعه.