أرضين. (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ) أي يجري أمر الله وقضاؤه بينهن ، وينفذ حكمه فيهن. (لِتَعْلَمُوا) متعلق بمضمر يعم كلّا من الخلق والتنزيل فإن كلّا منهما يدل على كمال قدرته وعلمه ، فهو علة للأمرين.
المناسبة :
بعد بيان أحكام الطلاق والعدة وما يجب للمعتدة من نفقة وسكنى ، والنهي عن تجاوز حدود الله ، أنذر الله تعالى وتوعد كل من خالف أمره وكذب رسله عليهمالسلام ، بعقاب مماثل لعقاب الأمم الخالية التي كفرت وكذبت رسلها ، ثم أردف ذلك بالتذكير بعظيم قدرته وإحاطة علمه ، للحث على التزام الأوامر والعمل بالشريعة والأحكام ، فكانت الآيات تحذيرا من مخالفة الأمر بعد بيان الأحكام.
التفسير والبيان :
توعد الله تعالى كل من خالف أمره وكذّب رسله ، وسلك غير ما شرعه ، وأخبر عما حلّ بالأمم السالفة بسبب ذلك ، فقال :
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ ، فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً) أي وكثير من أهل القرى عصوا أمر الله ورسله ، وأعرضوا وتكبروا وتمردوا عن اتباع أمر الله ومتابعة رسله ، حاسبها الله بأعمالها التي عملتها في الدنيا ، وعذب أهلها عذابا عظيما منكرا في الآخرة ، وفي الدنيا بالجوع والقحط والسيف والخسف.
وعبّر بقوله : (فَحاسَبْناها وَعَذَّبْناها) بالماضي عن المستقبل في الآخرة للدلالة على التحقق والوقوع لوعيد الله ، مثل : (أَتى أَمْرُ اللهِ) [النحل ١٦ / ١] ، وقوله : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) [الزمر ٣٩ / ٦٨] ، وقوله : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ) [الأعراف ٧ / ٤٤] ، ونحو ذلك.