في كلام له قال : وتعلم انّ نواصي الخلق بيده فليس لهم نفس ولحظة الّا بقدرته ومشيّته وهم عاجزون عن إتيان أقلّ شيء في مملكته إلّا باذنه وارادته قال الله تعالى وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ الآية.
(٦٩) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ القمّيّ قال ما عزموا عليه من الاختيار.
أقولُ : وعلى التفسير الأوّل يجوز أن يكون المعنى وَرَبُّكَ هو الّذي يَعْلَمُ ما تكنّه الصدور وتخفيه الضماير دون غيره فله ان يختار للنبوّة والإمامة وغير هما دونهم ولعلّه الى هذا المعنى أشير في أواخر حديث الإكمال بقوله علمنا انّ الاختيار لا يجوز ان يقع الّا ممّن يعلم ما تخفي الصدور وتكنّ الضماير وتنصرف إليه السرائر.
(٧٠) وَهُوَ اللهُ المستحقّ للعبادة لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لا أحد يستحقّها إلّا هو لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ لأنّه المولى للنّعم كلّها عاجلها وآجلها يحمده المؤمنون في الآخرة كما حمدوه في الدنيا بقولهم الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ ابتهاجاً بفضله والتذاذاً بحمده وَلَهُ الْحُكْمُ القضاء النّافذ في كلّ شيء وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ بالنّشور.
(٧١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ سماع تدبّر واستبصار.
(٧٢) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ استراحة من متاعب الأشغال أَفَلا تُبْصِرُونَ ولعلّه لم يصف الضّياء بما يقابله لأنّ الضّوء نعمة في ذاته مقصود بنفسه ولا كذلك اللّيل ولأنّ منافع الضّوء أكثر ممّا يقابله ولذلك قرن به أَفَلا تَسْمَعُونَ وباللّيل أَفَلا تُبْصِرُونَ لأنّ استفادة العقل من السّمع أكثر من استفادته من البصر.
(٧٣) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ في اللّيل وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ في النّهار بأنواع المكاسب وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.