بالإضراب عنه إليه وتخصيص الأكثر لأنّه كان منهم من آمن ومنهم من عقل الحق وكابر استكباراً وخوفاً على الرياسة إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ في عدم انتفاعهم بقرع الآيات آذانهم وعدم تدبّرهم فيما شاهدوا من الدّلائل والمعجزات بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً من الانعام لأنّها تنقاد من يتعهّدها وتميز من يحسن إليها ممّن يسيء إليها وتطلب ما ينفعها وتجتنب ما يضرّها وهؤلاء لا ينقادون لربّهم ولا يعرفون إحسان الرحمن من أساءة الشيطان ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع ولا يتّقون العقاب الذي هو أشدّ المضارّ ولأنّها لو لم تعتقد حقّاً ولم تكتسب خيراً لم تعتقد باطلاً ولم تكتسب شرّاً بخلاف هؤلاء ولأنّ جهالتها لا تضرّ بأحد وجهالة هؤلاء تؤدّي الى هيج الفتن وصدّ الناس عن الحق ولأنّها غير متمكّنة من تحصيل الكمال فلا تقصير منها ولا ذمّ وهؤلاء مقصّرون ومستحقون أعظم العقاب على تقصيرهم ، القمّيّ قال نزلت في قريش وذلك انّه ضاق عليهم المعاش فخرجوا من مكّة وتفرّقوا وكان الرجل إذا رأى شجرة حسنة أو حجراً حسناً هواه فعبده وكانوا ينحرون لها النعم ويلطّخونها بالدم ويسمونها سعد صخرة وكان إذا أصابهم داء في إبلهم واغنامهم جاؤوا الى الصخرة فيتمسّحون بها الغنم والإبل فجاء رجل من العرب بابل له يريد أن يتمسّح بالصخرة ابله ويتبارك عليها فنفرت ابله وتفرّقت فقال الرجل أتيت الى سعد ليجمع شملنا فشتّتنا من سعد فما نحن من سعد وما صخر الّا صخرة مستودّة من الأرض لا تهدي لغيّ ولا رشد ومرّ به رجل من العرب والثعلب يبول عليه فقال :
وربّ يبول الثعلبان برأسه |
|
لقد ذلّ من بالت عليه الثعالب |
(٤٥) أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ الم تنظر إلى صنعه كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ كيف بسطه.
القمّيّ عن الباقر عليه السلام : في هذه الآية قال الظِّلَ ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس قيل وهو أطيب الأحوال فانّ الظلمة الخالصة تنفر الطبع وتسدّ النظر وشعاع الشمس يسخن الهواء ويبهر البصر ولذلك وصف به الجنّة فقال وَظِلٍّ مَمْدُودٍوَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثابتاً من السّكنى أو غير متقلّص من السكون بأن يجعل الشمس مقيمة على وضع واحد ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً فانّه لا يظهر للحسّ حتّى تطلع فيقع ضوؤها على بعض الاجرام فلولاها لما عرف الظّلّ ولا يتفاوت الّا بسبب حركتها