هذا فبعث الله عزّ وجلّ رياحاً فرمت به فاتّخذ فرعون وهامان عند ذلك التابوت وعمدا الى أربعة انسر فأخذ افراخها وربّياها حتّى إذا بلغت القوّة وكبرت عمد الى جوانب التابوت الأربعة فغرزا في كلّ جانب من خشبة وجعلا على رأس كلّ خشبة لحماً وجوّعا الأنسر وشدّا ارجلها بأصل الخشبة فنظرت الأنسر الى اللحم فأهوت إليه وصفقت بأجنحتها وارتفعت بهما في الهواء وأقبلت تطير يومها فقال فرعون لهامان انظر إلى السماء هل بلغناها فنظر هامان فقال ارى السماء كما كنت أراها من الأرض في البعد فقال انظر إلى الأرض فقال لا ارى الأرض ولكن ارى البحار والماء قال فلم يزل النّسر يرتفع حتّى غابت الشمس وغابت عنهما البحار والماء فقال فرعون يا هامان انظر إلى السماء فنظر إلى السماء فقال أراها كما كنت أراها من الأرض فلمّا جنّهم اللّيل نظر هامان إلى السماء فقال فرعون هل بلغناها قال ارى الكواكب كما كنت أراها من الأرض ولست ارى من الأرض الّا الظلمة قال ثمّ حالت الرياح القائمة في الهواء فأقبلت التّابوت بهما فلم يزل يهوي بهما حتّى وقع على الأرض وكان فرعون أشدّ ما كان عتوّاً في ذلك الوقت.
(٣٩) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ بغير الاستحقاق قال الله تعالى الكبرياء ردائي والعظمة ازاري فمن نازعني واحداً منهما القيمة في النار ولا ابالي وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ بالنشور وقرء بفتح الياء وكسر الجيم.
(٤٠) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِ كما مرّ بيانه وفيه فخامة وتعظيم لشأن الأخذ واستحقار للمأخوذين كأنّه أخذهم مع كثرتهم في كفّ وطرحهم في اليمّ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ.
(٤١) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً قدوة ضلال يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ بدفع العذاب عنهم.
في الكافي عن الصادق عليه السلام : انّ الأئمّة في كتاب الله امامان قال الله تبارك وتعالى وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لا بأمر الناس يقدّمون أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم قال وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ يقدمون أمرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عزّ وجلّ.