أراه الله أصفياءه وأراه خليله فقال : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) وكيف يحمل حملة العرش الله؟ وبحياته حييت قلوبهم ، وبنوره اهتدوا إلى معرفته».
أقول : علّ الأركان الثلاثة الأول هي مقادير التقدير والتدبير والإبرام في سائر الكائنات تكوينا ، والركن الرابع هو زاوية العلم : تشريعا وتكوينا وما أشبهها.
ثم الأربعة الآخرون يوم القيامة ، علهم من الملائكة الكروبيين الخصوص ، أو أنهم هم لا سواهم ، إذ لو كانوا من الحملة يوم الدنيا لانتفى دورهم يوم الدين!
وهؤلاء المكرمون الثمانية ـ أيا كانوا ـ هم فوق الخلائق أجمع ، ويحملون عرش الرب فوقهم اجمع : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ).
وعلهم ـ كما احتملنا مسبقا ـ ثمانية صفوف أو صنوف ، فلتشمل كافة حملة الرسالات الإلهية ، وحملة أمر الله تعالى : يوم الدنيا ويوم الدين ، منقسمين إلى صفوف أو صنوف ثمانية ، وانما ذكرت الروايات اولي العزم من الرسل لأنهم القمة فيما يحمّلون ، والائمة فيما يحملون.
وأخيرا ما أروعه وأعمقه حديثا عن العرش يروى عن الصادق عليه السلام ، إذ يسأله حنان بن سدير عن العرش والكرسي فقال : ان للعرش صفات كثيرة مختلفة ، له في كل سبب وضع في القرآن صفة على حدة ، فقوله : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) يقول : رب الملك العظيم ، وقوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) يقول : على الملك احتوى ، وهذا علم الكيفوفية في الأشياء ، ثم العرش في الوصل مفرد عن الكرسي لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب ، وهما جميعا غيبان ، وهما في الغيب مقرونان ، لأن الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع ، ومنها الأشياء كلها ، والعرش هو الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحد والأين والمشية وصفة الإرادة وعلم الألفاظ والحركات والترك وعلم العدد والبدء ، فهما في العلم بابان مقرونان ، لأن ملك العرش سوى