يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ (٢٦) يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ (٢٧) ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (٢٩) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ (٣٢) إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣٤) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ (٣٥) وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ)(٣٧)
يوم العرض الأكبر إذ يظهر لأهل الجمع كل ما ستر ، يؤتى الأخيار والأشرار كتبهم : كتب الأعمال ، فالحساب ، فالسقوط أو النجاح ، كتب تتناسب في التدليل على مواقف أصحابها ، ولعلهم قبل الكل تؤتاهم كتب الشريعة :
(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) : تدليلا على أنه ناجح بما عاش يمين الحياة بيمين الكتاب الإلهي على ضوء تطبيقه (فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) : يقولها في فرحة غامرة بين الحشر تملأ الفرحة كيانه ، وتظهر على لسانه هاتفا أهل الجمع : (هاؤُمُ) : هاكم (اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) : كتاب الأعمال والحساب والنجاح.
(إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ).
والظن هذا أعم من ظن القلب الذي يساور يقين العقل الذي يدفع للصالحات فإن من يقين العقل ما لا يدفع للصالحات فضلا عن ظنه ـ وأعم من ظن العقل ، فإن من المحشرين من يدخل الجنة بلا حساب ومنهم من يدخلها بحساب ، فهو يظن نفسه من الآخرين متهما نفسه تخضعا لله ، فإذا هو من الأولين وكما عن الصادق عليه السلام في ظن الشك الممدوح (١) ، وعن أمير المؤمنين (ع) في ظن اليقين (٢) ولفظ الآية يتحملهما
__________________
(١) ور الثقلين ٥ : ٤٠٧ القمي في الآية قال الصادق (ع) كل امة يحاسبها امام زمانها ـ الى قوله ـ فيعطوا أولياءهم كتابهم بيمينهم فيمروا الى الجنة بلا حساب .. فإذا نظر أولياؤهم في كتابهم يقولون لإخوانهم : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ).
(٢) المصدر في الاحتجاج للطبرسي عن امير المؤمنين (ع) واما قوله : وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها يعني : تيقنوا انهم داخلوها ، وكذلك قوله : (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) واما قوله للمنافقين : (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) فهو ظن شك وليس ظن يقين».