فكيف يتقول على قائله : انه شاعر ، أو عليه : انه شعر ، أهكذا كذب واضح وفرية فاضحة؟.
إن هذا القرآن ليس شعرا ولا نثرا نتعوده ، إنما هو بدع في التعبير ، عديم النظير ، لم يصدر ولن يصدر من أي مصدر إلا الله ، ولأنه خاتمة الوحي ، فريد في موسيقاه ، فريد في معناه ، يوحي من كل زواياه ، انه ليس بقول بشر ، ولا أي مصدر غير الوحي ، منهج منقطع النظير ، تفرد به اللطيف الخبير ، وبين كتابات الوحي أيضا ، فضلا عما سواها ممن سواه!.
إن المذاهب الأدبية أجمع ، والمذاهب الفكرية أجمع ، والمقاييس الموسيقية أجمع ، إنها كلها ومعها كافة المذاهب طوال التاريخ ، هي فاشلة أمام المذاهب التي سلكها القرآن ، منهزمة في صراعها العنيد الشديد ، يعرف بذلك أهلوها شاءوا أم أبوا ، وإنما يلقون دعايات يلغون فيها ويزخرفونها ، علهم يضلوا جهالا كأمثالهم ، ولكنما العلماء العقلاء لا يضلون.
فليست القولة الجاهلة : إنه قول شاعر ، إلا نتيجة عدم الإيمان ، لا أن لهم برهانا على ما يتقولون (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ)!
(وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ) يؤخذ عن الجن والشياطين (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) فلو كان قول كاهن لم يرد فيه شتم الشياطين الذين يؤخذ منهم في الكهانة ، ثم اناقه القول وعمق المعنى يحيده من أن يكون من غير الله ، بل قليلا ما تذكرون حقائق تعرفونها من أصولها.
(تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) : تنادي بهذه الحقيقة الناصعة آياته البينات فربوبيته العالمية باهرة فيها ، ظاهرة لمن يتدبرها ويتذكرها وأراد الإيمان.
(وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ) : الأكاذيب ... (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ...).
لا هو فحسب ، بل هذه السنة الإلهية ثابتة في رسله : ان لو تقولوا لفضحهم