(إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (٢٣) وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (٢٦) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٢٧) إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (٢٨) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٢٩) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٣٠) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٣١) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٣٢) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ)(٣٣) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٣٤) أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ) (٣٥)
(إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً) جزوعا حريصا جبانا ضعيفا لا يصبر : و (خُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) (٤ : ٢٨) و (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) (٥ : ٥٧) : مني يعجل حين صدورها ، فيعجل المخلوق من هذا العجل في صدوره ووروده ، فهل ان كونه هلوعا صفة ذم؟ وكيف يخلق الله مذموما ثم يذمه كأنه من خلق الإنسان! وقد (أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)! (٣٢ : ٧)؟!.
نقول : إن هلع الإنسان فيه جهتان : خير كما في تكوينه ، وشر إذا عامله الإنسان بغير وجهه ، فالصالحون يهلعون الى الصلاح والإصلاح كما المصلون حسب الأوصاف المسرودة في هذه الآيات ، والطالحون يهلعون ويهرعون الى الطالحات ويتغافلون عن الحسنات ، فالصالح يتبنى الهلع المخلوق هو عليه لصالحه ، يتبناه لاستكماله ، والطالح يتبناه لشقوته ، فلا يرجع الذم إلا الى كيفية معاملة الإنسان في هلعه ، وكما يمدح على حسن عمله في هلعه: (إِلَّا الْمُصَلِّينَ ...)!
مبدئيا لا بد للإنسان ـ في سبيله الى الاستكمال ـ ان يكون هلوعا : حريصا لنفسه ، جزوعا بمس الشر لكي يفر منه ، منوعا عن الخير لكي يجلبه إليه ويمنع من يمنعه عنه ، ولكنما هلع الإنسان هذا لم يخلق إلا لصالحه ولصالح مجتمعه ، دينا ودنيا وعقبى ، فليصرفه الى ما صرفه الله اليه ، فليهلع إذا مسه شر في