فما روته الرواة خلاف النص أو الظاهر من هذه الآيات نضرب بها عرض الحائط ، كما يروى انه حيل بين الشياطين وبين خبر السماء (١) ، وكما اختلق على علي عليه السلام أن الشياطين ما كانوا محجوبين عن السماء وإنما حجبوا عنها لما ولد الرسول محمد صلّى الله عليه وآله وسلم (٢) : غلطا على غلط حيث المنع كان منذ الرسالة لا الولادة ، والممنوعون هم مؤمنوا الجن بعد ما كان لهم مقاعد للسمع ، وأما كفارهم فقد منعوا منذ كانوا وكان الملأ الأعلى! ، وعجيب من أصحاب الحديث كيف يسجلون هذه الأحاديث المخالفة للآيات كأنها وحي نزل ، وكأن القرآن فرع بها يؤوّل ، ونحن لا نذكرها إلا ردا لها على كتاب الله وليذّكر أولوا الألباب!.
نكات على ضوء هذه الآيات :
١ ـ هناك في السماء ملأ أعلى هم أعلى محتدا ومنزلة ، من سواهم من الخليقة ،
__________________
(١) رواه الواحدي باسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ما قرأ رسول الله (ص) على الجن وما رآهم ، انطلق رسول الله في طائفة من أصحابه عامدين الى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء فرجعت الشياطين الى قومهم فقالوا : ما لكم؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب ، قالوا : وما ذاك الا من شيء حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها ، فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة بالنبي وهو بنخل عامدين الى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر. فلما سمعوا القرآن استمعوا وقالوا : هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء فرجعوا الى قومهم وقالوا : انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا ، فأوحى الله الى نبيه (ص) (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) ورواه البخاري ومسلم ايضا في الصحيح.
أقول مهما رويت هذه الرواية في الصحيح وسواه فهي غلط إذ تنافي نصوص القرآن ـ تأمل.
(٢) نور الثقلين ٥ : ٤٣٦ ح ٢٤ عن احتجاج للطبرسي عن امير المؤمنين (ع): «ولقد رأيت الملائكة ليلة ولد تصعد وتنزل وتسبح وتقدس وتضطرب النجوم وتتساقط علامة لميلاده ، ولقد هم إبليس بالظعن في السماء لما راى من الأعاجيب في تلك الليلة ، وكان له مقعد في السماء الثالثة والشياطين يسترقون السمع ، فلما رأوا العجائب أرادوا ان يسترقوا السمع فإذا هم قد حجبوا عن السماوات كلها وقد رموا بالشهب جلالة لنبوة محمد (ص).