ملئوا من أسرار السماء ويتحدثون دوما عنها ، كان الجن المؤمنون ، أو رسلهم بوجه خاص ، يستمعون إليهم فيرجعون الى قومهم منذرين ، دون الجن الشياطين الذين لا يرجعون بما يسرقون إلا بكل تدجيل وتضليل.
٢ ـ إن في الجن رسلا كما في الانس ، ولكنما الرسالة الأصيلة هي لرسل الإنس ، كما يوحي به انقطاع وحيهم منذ الرسالة الإسلامية ، فلو كانوا مستقلين فيها لكان منهم خاتم يحمل الوحي الخالد كما منا خاتم.
٣ ـ في حرمان رسل الجن عن الوحي مع الأبد ، منذ بزوغ وحي القرآن ، دلالة ناصعة أنه خاتمة الوحي ، لا كتاب بعده ولا نبوة بعد نبوته ، وختم الوحي والرسالة هو الرشد الذي أراده الله بمنع التسمع الى الملأ الأعلى عن رسل الجن : (أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً).
٤ ـ السماء الملموسة لرسل الجن هي سماء الأنجم وهي الاولى من السبع ، حيث ترى الشهب الثاقبة والنيازك النارية ، ولا ريب انها في الاولى ، إذ ليس غيرها مرئية لنا حتى الآن ولا بالعيون المسلحة ، ومن لمسهم السماء ودحرهم عنها نعرف أن سكنى الجن هي الأرض بجوّها ، بخلاف الملائكة.
٥ ـ يوحي التنديد بالعائذين بالجن ، كما تفرضه حكمة الله وعدله : أن لا سلطان للجن على الانس ولا من شياطينهم إلا كيدا : و (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) فمن الظلم أن يفسح المجال للجن ان يؤذوا الإنس وهم لا يرونهم ، ولا حيلة لهم في الدفع عن أنفسهم وأعراضهم ، وليست فكرة تدخّل الجن في البعض من أمور الناس وحالاتهم وتخبّلهم بهم إلا خرافة أسطورية قضى القرآن على أمثالها.
٦ ـ الحرس الشديد الجديد عند بعث النبي الجديد ، يوحي بأن الحراسة ما كانت قبلئذ بتلك الشدة ، إذ كان الجن المؤمنون يستمعون الى الملأ الأعلى في مقاعد لهم خاصة ، وكانت مردة الشياطين منهم يسترقون شيئا مّا مهما لاقوا من دحر وعذاب ، لكنما الرسالة المحمدية الختمية أوجبت حصر الوحي