به ودحر من سواه ، سواء أكان استماعا حرّا كما كان للمؤمنين ، أم استراقا كما للشياطين ، فالكل محرومون عن كل أسرار السماء إلا من طريق الرسالة المحمدية ، حيث الجن الرسل يصدون عنه.
فالأجهزة الدفاعية السماوية من الشهب النيازك النارية والحرس الشديد ، تنفّذ أمر الله تعالى والى يوم القيامة الكبرى ، فمن ادعى بعد الوحي المحمدي وحيا وبعد رسالته رسالة وبعد كتابه كتابا فهو دجال كذاب.
٧ ـ لا ندعي أن أهداف الشهب تختص بدحر الجن ، وإنما هو من اهدافها التي كنا نجهلها كما جهلنا الجن ، وكما يجهل العلماء حتى الآن اهداف هذه الشهب ، فهل من العقل انكار المجهول من أسرار الكون وأكثره مجهول؟! ان المتفلسفين الذين يحاولون تفسير هذا الكون وارتباطاته في كافة زواياه ومجالاته ، انهم ظلوا يتعثرون كالأطفال الذين يصعدون جبلا شاهقا لا غاية لقمته ، محاولة حل لغز الوجود ، وهم لم يتقنوا بعد أبجدية الهجاء من كتاب التكوين الغامض الفائق العقول.
لقد ظلوا مرتكسين في تصورات لهم مضحكة حين نقرنها الى التصورات الواضحة البديعة الجميلة التي ينشئها القرآن ، فتلك منهم مضحكة بعثراتها ومفارقاتها وتخلخلها وقزامتها الى عظمة الوجود ، وهذه عريقة عميقة الى غير الحدود ، فانها من خالق الكائنات ، سبحان الخلاق العظيم!
(وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ (١) قِدَداً) :
علّ الصالحين هنا هم الصالحون تماما دون فساد وهم رسلهم ، و (دُونَ ذلِكَ) يشمل دون الصلاح الشامل ، من الصلاح الخليط بالفساد كمن دون الرسل من مؤمنيهم ، والفساد التام دون صلاح كشياطين الجن ، وفي كل من هؤلاء الثلاثة أيضا صنوف ، يوحي بهذا التقسيم (كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) فلم يقل طريقين ليكون تقسيم الصالحين ودون ذلك ثنائيا كما يزعم ، إنما (طَرائِقَ قِدَداً).