أنيقة من الآية إذ يتحملها مع سائر المساجد. ولكنها خفية بينها ، والآية إذن تحمل بيان أحكام شرعية إيجابية وسلبية.
١ ـ (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) غاية الخضوع قلبا وقالبا تختص بالله ، بكافة انحائها وأنواعها (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) فلا تسجدوا لأحد من دون الله إذ لا أحد يملك ما لله من عز الألوهية والكبرياء ، فلا أحد مع الله يداينه أو يساويه فكيف يسجد له ، أتسوية له بالله فهي ضلال مبين : (تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٢٦ : ٩٨) فالتسوية بالله في أية مرحلة من مراحلها ، إنها ضلال مبين ، إذ ليس مع الله أحد في ألوهيته ذاتا وصفات وأفعالا حتى يسوى به أية تسوية ، وإن كانت سجدة ظاهرة يقصد بها الاحترام ، فاحترام رسل الله وأوليائه بالسجدة أو الركوع ، اخترام لكرامة الربوبية وضلال من جهتين : ترفيع العبد إلى مرتبة الرب ، وتنزيل الرب إلى منزلة العبد وهو ضلال مزدوج يعتذر عنه الضّلال : (تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) وقد تضافرت الأحاديث عن الرسول الأقدس وأهل بيته الكرام ان السجود خاص بالله لا يعدوه إلى سواه (١).
٢ ـ بيوت الله المعدة لعبادته ، إنها خاصة بالله ، فلا تدعوا أحدا إلا إياه ، وأنتم معه في بيته ، فطالما تذكرون غير الله في بيوتكم وسواها ، فاتركوه إلى ذكر الله في بيته ، اللهم إلا ذكرا لأولياء الله متذرعين به إلى ذكر الله ، فانه أيضا من ذكر الله ، فلا تجعلوا مساجد الله نوادي لما ليس لله فيه نصيب ، ولا متاجر وأسواقا ، إنما عبادة الله وما يرجع إليها وتقصد منه.
__________________
ـ اجزاء الوجه واليدين والركبتين والرجلين ، فإذا قطعت يده من الكرسوع او المرفق لم يدع له يد يسجد عليها ، وقال الله : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) وما كان لله فلا يقطع.
(١) نور الثقلين ٥ : ٤٣٩ عن اصول الكافي عن أبي الحسن (ع) في قوله تعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) قال : هم الأوصياء.