فكما السجدة ـ وهي غاية الخضوع ـ خاصة بالله ، لا تعدوه إلى سواه ، كذلك المواضع السبعة التي تسجد بها : من الجبهة والكفين والركبتين وإبهامي الرجلين ، لا يسجد بها الا لله ، ولا تقطع في أية جريمة إلا ما شذ ، وكذلك بيوت الله المعدة للصلاة ، إنها لله ، فلا يدعى فيها مع الله غيره ، ولا تتخذ لغير عبادة الله ، كذلك والراسخون في العلم المعصومون فلا يدعى معهم غيرهم أحد حيال دعوتهم إلا من يدعو بهم ، وكذلك أزمنة السجدة المفروضة ، المحددة فرضا وندبا ، إنها لله (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً).
وقد تتأيد هذه الاختصاصات بآيات بينات ، كالتي تحصر السجود في الله ، فالسجدة بما أنها غاية الخضوع لا تحق إلا للخالق الذي في غاية الرفعة ، لا يشاركه فيها أحد حتى يشاركه في السجدة : (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (٤١ : ٣٧) (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ) (١٣ : ١٥) وآيات السجود لآدم لا تعني انه المسجود ، وإنما سجدة الشكر لله لأجل آدم معلم الملائكة كما نسجد لما رزقنا الله وأنعم علينا وليس الرزق هو المسجود له ، انما هو الله والرزق مسجود لأجله ، والتفصيل إلى سورة البقرة.
وبما أن الراسخين في العلم يفسرون القرآن تدليلا على معانيه الخفية غير الظاهرة لنا أحيانا ، نجد هنا أحاديث متظافرة عنهم عليهم السلام ان المساجد هنا هي مواضع السجدة السبعة (١) وأنها منها ، ومنها الأئمة استفادة لطيفة
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٤٣٩ عن تفسير العياشي عن أبي جعفر الباقر (ع) انه سأله المعتصم عن السارق من اي موضع يجب ان يقطع؟ فقال : ان القطع يجب ان يكون من مفصل اصول الأصابع فيترك الكف ، فقال : وما الحجة في ذلك؟ قال : قول رسول الله (ص) : السجود على سبعة ـ
(تفسير الفرقان ـ ج ٢٩ ـ م ١٢)