الْكُبْرى ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) (٨٧ : ١٣) حالة وسطى بينهما هي أشد من الموت ، وكما لا تبقي لهم أرواحا ولا أجسادا إلا أحرقتها ، (نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ. الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) (١٠٤ : ٧) دون النار الدنيا الخاصة بالأجساد ، وكما لا تبقي لهم جلودا ولا تذر : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) (٤ : ٥٦) نارا ساحقة ماحقة فيها أشد العذاب وأبقاه ، ومن آثارها :
(لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ) البشر جمع البشرة ، الظاهر من الجلد ، لأي صاحب جلد واختص الإنسان باسم البشر بين سائر ذوي البشر ، لظهور جلده دونها ، فانها مستورة بالشعر والوبر : فهي أيضا بشر في أصل المعنى ، والبشر هنا في وجه عام يعم كل ذي بشرة ممن تلوّحه النار من جن وانسان وحيوان ، وإن كان يلمح للبشر الإنسان بوجه خاص ، فالبشر هنا عام لكل بشرة وبشر.
واللواحة مبالغة من «لاح» : ظهر ـ فهي لواحة : كثيرة الظهور والبروز ، (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى) (٧٩ : ٣٦) ولائحة كاللوحة ، تلوح فيها أعمالهم الشريرة ، فان النار ليست إلا ظهورا للتخلف عن الهدى والنور بقدره.
وتلوّح البشرة أيضا من «لاحه» العطش ولوّحه إذا غيره ، فهي تسوّد البشرة وتنضجها تغييرا للونها وهيئتها (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) فهذه النار هي عذاب مثلث لأهلها ، تثير الفزع في النفوس بنظرها المخيف رؤية لها ، وللأعمال الناتجة هي عنها ، وبأثرها الساحق نضجا وتسويدا للبشرة ، فهل ان لأهلها من خلاص؟ ولات حين مناص! فانها تحت الحراس ، بملائكة غلاظ شداد :
«عليها تسعة عشر» تسعة عشر ملكا ، لا طائفة أو جماعة من الملك ، فان معدود المؤنث هنا غير مؤنث ، فليست امرأة كذلك ، ثم ولا رجلا ، ولأن النار تحرق الإنس والجن ، فليس أصحاب النار منهم بل (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ